غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ هَلۡ يَسۡتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِۖ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (112)

101

{ هل يستطيع ربك } من قرأ بالتاء وبالنصب فظاهر والمراد هل تستطيع سؤال ربك أي هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عن سؤاله ؟ ومن قرأ بالياء وبالرفع فمشكل لأنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا آمنا فكيف يتصوّر مع الإيمان شك في اقتدار الله تعالى ؟ وأجيب بوجوه منها : أن حكاية الإيمان عنهم لا يوجب كمالهم وإخلاصهم في ذلك ولهذا قال لهم عيسى { اتقوا الله إن كنتم مؤمنين } ومنها أنهم طلبوا مزيد الإيقان والطمأنينة ولهذا قالوا { وتطمئن قلوبنا } ومنها أنهم أرادوا هل هو جائز في الحكمة أم لا ، وهذا على أصول المعتزلة من وجوب رعاية الأصلح ، أو أرادوا هل قضي بذلك وعلم وقوعه أم لا ، فإن خلاف معلومه غير مقدور وهذا عند الأشاعرة . ومنها قول السدّي إن السين زائدة وكذا التاء أي هل يطيع ربك ؟ ومنها لعل المراد بالرب جبريل لأنه كان يربيه . ومنها أن المراد بالاستفهام التقرير كمن يأخذ بيد ضعيف ويقول : هل يقدر السلطان على إشباع هذا ؟ يريد أن ذلك أمر جلي لا يجوز للعاقل أن يشك فيه . قال الزجاج : المائدة فاعلة من ماد يميد إذا تحرك فكأنها تميد بما عليها . وذلك أنها لا تسمى مائدة إلا إذا كان عليها طعام فإذا لم يكن عليها طعام فهي خوان . وقال ابن الأنباري : هي من مادة إذا أعطاه كأنها تعطي من تقدم إليه . وقال أبو عبيدة : هي بمعنى «مفعولة » مثل { عشية راضية } [ الحاقة :21 ] أي مرضية كأن صاحبها أعطاها الحاضرين . قال عيسى { اتقوا الله } في تعيين المعجزة فإنه كالتحكم . وأيضاً اقتراح معجزة بعد ظهور معجزات كثيرة تعنت ، أو أمرهم بالتقوى ليتوسلوا بها إلى المطلوب { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } [ الطلاق :3 ، 2 ] .

/خ120