السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ هَلۡ يَسۡتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِۖ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (112)

وقوله تعالى :

{ إذ قال الحواريون } منصوب ب( اذكر ) . وقيل : ظرف ل( قالوا ) فيكون تنبيهاً على أنّ ادعاءهم الإخلاص مع قولهم : { يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك } قرأ الكسائي بالتاء على الخطاب وإدغام لام هل فيها على أصله ، وفتح الباء الموحدة من ربك أي : هل تستطيع ربك أي : سؤال ربك والمعنى : هل تسأل ذلك من غير صارف ؟ وقرأ الباقون بالياء على الغيبة ورفع الباء أي : يجيبك ربك إذا سألته { أن ينزل علينا مائدة } وهي الطعام ويقال أيضاً للخوان إذا كان عليه الطعام ، والخوان : شيء يوضع عليه الطعام للأكل هو في العموم بمنزلة السفرة لما يوضع فيه طعام المسافر بالخصوص ، وقال أهل الكوفة : سميت مائدة لأنها تميد بالآكلين أي : تميل ، وقال أهل البصرة فاعلة بمعنى مفعولة أي : تميد أيدي الآكلين إليها كقولهم : عيشة راضية أي : مرضية ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بسكون النون وتخفيف الزاي والباقون بفتح النون وتشديد الزاي وقولهم : { من السماء } أي : لا صنع للآدميين فيها لنختص بها عمن تقدّمنا من الأمم لم يكن بعد عن تحقيق واستحكام معرفة { قال } عيسى عليه الصلاة والسلام مجيباً لهم { اتقوا الله } أن تسألوه شيئاً لم تسأله الأمم من قبلكم { إن كنتم مؤمنين } بكمال قدرته تعالى وصحة نبوّتي أو صدقتكم في ادعائكم الإيمان فنهاهم عن اقتراح الآيات بعد الإيمان .