التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{۞إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (60)

{ إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية : إنما هنا تقتضي حصر الصدقات وهي الزكاة في هذه الأصناف الثمانية فلا يجوز أن يعطى منها غيرهم ، ومذهب مالك أن تفريقها في هؤلاء الأصناف إلى اجتهاد الإمام ، فله أن يجعلها في بعض دون بعض ، ومذهب الشافعي أنه يجب أن تقسم على جميع هذه الأصناف بالسواء ، واختلف العلماء هل الفقير أشد حاجة من المسكين أو بالعكس ؟ فقيل : هما سواء ، وقيل : الفقير الذي يسأل الناس ويعلم حاله ، والمسكين ليس كذلك .

{ والعاملين عليها } أي : الذين يقبضونها ويفرقونها .

{ والمؤلفة قلوبهم } كفار يعطون ترغيبا في الإسلام ، وقيل هم مسلمون يعطون ليتمكن إيمانهم ، واختلف هل بقي حكمهم أو سقط للاستغناء عنهم .

{ وفي الرقاب } يعني : العبيد يشترون ويعتقون .

{ الغارمين } يعني : من عليه دين ويشترط أن يكون استدان في غير فساد ولا سرف .

{ وفي سبيل الله } يعني : الجهاد فيعطى منها المجاهدون ويشترى منها آلات الحرب واختلف هل تصرف في بناء الأسوار وإنشاء الأساطيل .

{ وابن السبيل } هو الغريب المحتاج .

{ فريضة } أي : حقا محدودا : ونصبه على المصدر ، فإن قيل : لم ذكر مصرف الزكاة في تضاعيف ذكر المنافقين فالجواب أنه حصر مصرف الزكاة في تلك الأصناف ليقطع طمع المنافقين فيها ، فاتصلت هذه الآية في المعنى بقوله : { ومنهم من يلمزك في الصدقات } الآية .