تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (60)

ثم أخبر عن أبى الخواص ، أن غير أبى الخواص أحق منه بالصدقة ، وبين أهلها ، فقال : { إنما الصدقات للفقراء } الذين لا يسألون الناس ، { والمساكين } الذين يسألون الناس ، { والعاملين عليها } يعطون مما جبوا من الصدقات على قدر ما جبوا من الصدقات ، وعلى قدر ما شغلوا به أنفسهم عن حاجتهم ، { والمؤلفة قلوبهم } يتألفهم بالصدقة ، يعطيهم منها ، منهم : أبو سفيان ، وعيينة بن حصن ، وسهل بن عمرو ، وقد انقطع حتى المؤلفة اليوم ، إلا أن ينزل قوم منزلة أولئك ، فإن أسلموا أعطوا من الصدقات ، تتألفهم بذلك ليكونوا دعاة إلى الدين ، { وفي الرقاب } ، يعنى وفي فك الرقاب ، يعنى أعطوا المكاتبين ، { والغارمين } ، وهو الرجل يصيبه غرم في ماله من غير فساد ولا معصية ، { وفي سبيل الله } ، يعنى في الجهاد ، يعطى على قدر ما يبلغه في غزاته ، { وابن السبيل } ، يعنى المسافر المجتاز وبه حاجة ، يقول : { فريضة من الله } لهم هذه القسمة ؛ لأنهم أهلها ، { والله عليم } بأهلها ، { حكيم } [ آية :60 ] حكم قسمتها .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تحل الصدقة لمحمد ، ولا لأهله ، ولا تحل الصدقة لغنى ، ولا لذي مرة سوى" يعنى القوى الصحيح ، وكان المؤلفة قلوبهم ثلاث عشر رجلا ، منهم : أبو سفيان بن حرب بن أمية ، والأقرع بن حابس المجاشعي ، وعيينة بن حصن الفزارى ، وحويطب بن عبد العزى القرشي ، من بنى عامر بن لؤي ، والحارث بن هشام المخزومي ، وحكيم بن حزام ، من بنى أسد بن عبد العزى ، ومالك بن عوف النضرى ، وصفوان بن أمية القرشي ، وعبد الرحمن بن يربوع ، وقيس بن عدي السهمي ، وعمرو بن مرداس ، والعلاء بن الحارث الثقفي ، أعطى كل رجل منهم مائة من الإبل ليرغبهم في الإسلام ويناصحون الله ورسوله ، غير أنه أعطى عبد الرحمن بن يربوع خمسين من الإبل ، وأعطى حويطب بن عبد العزى القرشي خمسين من الإبل ، وكان أعطى حكيم بن حزام سبعين من الإبل ، فقال : يا بني الله ، ما كنت أرى أن أحدا من المسلمين أحق بعطائك منى ، فزاده النبي صلى الله عليه وسلم فكره ، ثم زاده عشرة فكره ، فأتمها له مائة من الإبل ، فقال حكيم : يا رسول الله ، عطيتك الأولى التي رغبت عنها ، أهي خير أم التي قنعت بها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإبل التي رغبت عنها" فقال والله لا آخذ غيرها ، فأخذ السبعين ، فمات وهو أكثر قريش مالا ، فشق على النبي صلى الله عليه وسلم تلك العطايا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إني لأعطى رجلا وأترك آخر ، وإن الذي أترك أحب إلي من الذي أعطى ، ولكن أتألف بالعطية ، وأوكل المؤمن إلى إيمانه" .