تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (60)

وقوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) يشبه أن تكون الآية في بيان موضع الصدقة على ما تقدم من الذكر بقوله : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا ) الآية ما ذكر أن المنافقين كانوا يأتون رسول الله ، ويسألونه من الصدقات ، فإن أعطاهم رضوا منه ، وإن لم يطعهم طعنوا فيه ، وعابوا عليه . فبين أن الصدقات ليست لهؤلاء ولكن للفقراء من المسلمين والمساكين من المسلمين ، وكذلك ما ذكر من الأصناف المكاتبين والغارمين . أنها لهؤلاء من المسلمين لا لهم .

ويدل على ما جاء من الأخبار : روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وضع صدقتن بأعيانها ، حملت إليه في صنه واحد ، ما روي أنه أعطى الأقرع بن حابس مئة من الإبل[ انظر الحديث في البخاري3150 ] وأعطى فلانا كذا .

وروي عن الصحابة أنهم[ في الأصل وم : أنه ] وضعوا الصدقة في صنف واحد ، روي[ عن ][ من م ، ساقطة من الأصل ] حذيفة أنه قال : هؤلاء أهلها ، ففي أي صنف وضعتها أجزاك ، وعن ابن عباس أنه قال كذلك .

وعن عمر أنه كان إذا جمع صدقات المواشي والبقر والغنم نظر ما كانت[ في الأصل وم : كان ] منتجة للبن ، فيعطي الأهل على قدر ما يكفيهم ؛ فكان يعطي العشرة شاة للبيت الواحد ، ثم يقول : عطية تكفي خير من عطية لا تكفي ، أو كلاما[ في الأصل وم : كلام ] نحو هذا ، وقد روي عنه أنه سئل عن ذلك ، فقال : والله لأردن عليهم الصدقة حتى يروح على أحدهم مئة ناقة أو مئة بعير .

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه[ أنه ][ من م ، ساقطة من الأصل ] أتي بصدقة عن ذلك ، فبعثها إلى أهل بيت واحد .

هؤلاء نجباء الصحابة استجازوا وضع الصدقة في صنف واحد . ولو كان حق كل صدقة أن تقسم بين هؤلاء الأصناف الذين ذكر بالسوية على ما قال القوم لمكان [ ما ][ ساقطة من الأصل وم ] قال الله عز وجل : ( إنما الصدقات للفقراء ) بين الفقراء وبين من معهم من الأصناف كما يقال : الميراث لقرابة فلان ، أي ليس للأجنبيين في ذلك حق .

وإذا قيل : الميراث بين قرابة فلان كان لكل في ذلك حق لأن حرف بين يقتضي التسوية ، وقوله لهم يقتضي أنه لاحق فيه لغيرهم . ألا ترى أنه يقال : الخلافة لولد العباس ؛ يراد أنه لا حظ فيها لغيره ؟ والسقاية لبني هاشم ؟ ونحوه ، ليس يراد ذلك أن لا حق لغيرهم فيها .

وبعد فإنه لو كان في الآية : إنما الصدقات بين الفقراء . وبين من ذكر معهم لكان لا يجب قسمة كل صدقة بين هؤلاء الأصناف المذكورة في الآية لأنه ليس للصدقات انقطاع بل لها مدد إذا دفعت صدقة واحدة إلى صنف واحد ، فإذا أوتي بصدقة أخرى دفعت إلى صنف آخر . هكذا يعمل في الأصناف كلها .

وبعد فإنه لم يذكر عن أحد من الأئمة أنه تكلف طلب هؤلاء الأصناف ، فقسمها بينهم ، وكذلك لم يذكر عن أحد من أرباب الأمول [ أنه دفع ][ في الأصل وم : أنهم دفعوا ] صدقة واحدة بين هؤلاء الذين ذكر ، فدل أنه خرج على ما ذكرنا لأنه لو كان على تسوية كل صدقة بينهم لم يجز ألا يقسموها كذلك ، ويضيعوا[ في الأصل وم : ويضيعون ] حق البعض من هؤلاء .

وبعد فإنه لو تكلف الإمام أن يظفر بهؤلاء الثمانية ما قدر على ذلك . دل أنه لم يخرج الحطاب على ما توهم خصومنا ، ولأن الحق لو كانت التسوية بينهم في كل صدقة لكان إذا لم يجد في بلدته مكاتبين أو واحد من هؤلاء الأصناف فيجب أن يسقط مقدار حصة من لم يجد من أربابها ، فذلك بعيد ، فقد جاء في الخبر أنه بعث معاذا إلى اليمن فقال له : خذ من أغنيائهم ورد في فقرائهم ، ويكره إخراج صدقة كل بلد إلى بلد غيره من البلدان .

ثم تحتمل الآية جميع الصدقات التي يتصدق بها على الفقراء والمساكين من الفيء وغيره ، فبين[ الله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] أن هؤلاء موضع لذلك كله من نحو قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده )[ الأنعام : 141 ] وقوله : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )[ التوبة : 103 ] وتحتمل زكاة الأموال المفروضة ، والوجه فيه ما ذكرنا .

فإن قيل : إن الرجل إذا أوصى فقال : ثلث مالي لفلان وفلان أليس هو مقسوم بينهما[ في الأصل وم : بينهما ] بالسوية ما منع أن الأول بمثله ؟ قيل : لا تشبه الصدقات الوصايا .

وذلك أن الوصية إنما وقعت في مال معلوم لا تزيد فيه بعد موت الميت شيئا ، ولا يتوهم لها مدد . والصدقات يزيد بعضها بعضا ، وإذا فني مال جاء مال آخر ، وإذا مضت سنة جاءت سنة أخرى بمال جديد . فإذا دفع الإمام صدقة بجميع ما عنده إلى الفقراء ، ثم حضره غارمون تحمل[ في الأصل وم : فتحمل ] إليه صدقة أخرى ، يجعلها فيهم ، فيصلح بذلك أحوال الجميع لما لا انقطاع للأموال إلى يوم القيامة .

وكيف تقسم الصدقة على ثمانية أسهم ؟ ولا خلاف في أن للعاملين بقدر عمالتهم[ سهما ][ ساقطة من الأصل وم ] زاد ذلك على الثمن أو نقص منه ، فإذا [ زاد الثمن في ][ في الأصل : زالت ] القسمة في بعض الأصناف زاد [ في الأصل وم : زالت ] في الجميع ، فأعطي كل صنف منه قدر حاجته كما أعطي العاملون .

وكيف يصنع بسهم المؤلفة قلوبهم ، وقد ارتفع ذلك ونسخ ؟ على ذلك جاء عن بعض الصحابة من نحو أبي بكر وعمر أنهم لم يعطوهم[ في الأصل وم : لم يعطهم ] شيئا .

أليس يرد ذلك على سائر السهام ؟ فإذا جاز أن يزاد على الثمن في وقت جاز أن ينقص[ في الأصل وم : ينقصوا ] منه في وقت .

وفي قوله : ( والعاملين ) دلالة أن لا بأس للأئمة والقضاة أخذ الكفاية من بيت المال ، ولكل عامل للمسلمين حد كفايته ورزقه من ذلك إن فرغ نفسه لذلك وكفها عن غيرها من المنافع والأعمال .

ثم اختلف في الفقراء والمساكين : قال بعضهم : الفقراء هم من المهاجرين كقوله ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم )[ الحشر : 8 ] والمساكين من الذين لم يهاجروا .

وقال بعضهم : الفقير الذي به زمانة ، وهو محتاج وقال بعضهم : الفقراء هم المتعففون الذين لا يخرجون ولا يسألون الناس كقوله تعالى : ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف )[ البقرة : 273 ] والمساكين هم الذين يسألون . وكذلك قال الحسن .

وعن عمر [ أنه ] [ ساقطة من الأصل وم ] قال : ليس المسكين الذي لا مال له ، ولكن المسكين الذي يصيب المكسب .

وعن ابن عباس [ أنه ] [ ساقطة من الأصل وم ] قال : فقراء المسلمين والمساكين الطوافون ، وهو قريب مما قاله الحسن .

وعن الأصم [ أنه ] [ ساقطة من الأصل وم ] قال : الفقير الذي لا يسأل ، وهو ما ذكرنا بدأ ، والمسكين الذي يسأل إذا احتاج ويمسك إذا استغنى .

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرويه أبو هريرة[ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «ليس المسكين هذا الطواف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، قيل فما المسكين يا رسول ؟ قال : الذي لا يجد ما يغنيه ولا يفطن به ، يتصدق عليه ولا يقوم ، فيسأل الناس »[ البخاري : 1479 ] فهذا لو حمل/216-أ/ على ظاهره لدفع قول من قال : إن المسكين هو الذي لا يسأل الناس ، ولكن يجوز أن يكون معناه ، والله أعلم ، أن الذي لا يسأل ، وإن كان عندكم مسكينا ، فإن الذي لا يسأل أشد مسكنة منه . ولا يحتمل غير ذلك لأن الله قد سمى الذين لا يسألون الناس فقراء ، ولا يجوز أن يجعل الحدث مخالفا للآية ما أمكن أن يكون موافقا لها .

قال الله تعالى : ( يتيما ذا مقربة ) ( مسكينا ذا متربة )[ البلد : 15-16 ] فقوله : ( ذا متربة ) قيل : هو الذي لا حائل بينه وبين التراب لفقره . فدل بذلك ، والله أعلم على أن المسكين هو الشديد الفقر ، والفقير هو الذي لا يملك شيئا ، ولم يبلغ في الفقر والضرورة حال المسكين ، ويدل على[ في الأصل وم : ل ] ذلك قول عمر : ليس المسكين من لا مال له ، ولكن المسكين من لا مكسب له ؛ كأنه يقول : إن الذي لا مال له ، وله مكسب ، هو فقير ، والمسكين أشد حالا من الفقير وليس له مال ولا مكسب ، وإن حمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : «ليس المسكين الذي يسأل ولكن المسكين الذي لا يفطن به ولا يسأل »[ على أن الذي لا يفطن به هو أشد ][ في الأصل : هو أشد ، في م : على أن الذي لا يفطن به أشد ] مسكنة من الآخر ، وإن كان الآخر مسكينا أيضا ، كان موافقا للمعنى الذي ذكرنا ؛ لأنا قلنا : إن المسكين هو الشديد الفقر ، وقد يكون فقيرا وإن لم يبلغ به الضر مبلغ ضر الأول .

وقد يخرج قول من قال : إن المسكين الذي يخرج هذا المخرج لأن من شأن المسلم الفقير أنه يتحمل ما كانت له حيلة ، ويتعفف ، ولا يخرج ، فيسأل ، وله حيل . فخروجه يدله على شدة ضيقه وعلى الزيادة في سوء حالها . فكان القولان جميعا يرجعان إلى معنى واحد وإذا كان الفقير أحسن حالا من المسكين لما ذكرنا فقد يجوز أن تدفع الصدقة إلى من له مال قليل لأنه فقير ، وإن لم يكن حاله في فقره حال المسكين الذي لا يملك شيئا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( والعاملين عليها ) اختلف فيه : قال [ بعضهم ][ ساقطة من الأصل وم ] يعطى لهم[ ثمن الوفاء ][ في الأصل وم : الثمن ] وقال بعضهم : يعطى لهم قدر عمالتهم ، وقال بعضهم : يعطى لهم قدر كفايتهم وعيالهم .

أما قوله[ من قال ، من م ساقطة من الأصل ] يعطى لهم الثمن فلا[ الفاء ساقطة من الأصل وم ] معنى له لما لا يجوز أن يبلغ الثمن الوفاء ، وعمالته لا تبلغ عشر عشر ذلك . ومن قال : يعطى لهم قدر كفايتهم وكفاية عيالهم فهو ، والله أعلم ، إذا كان هو لا[ ساقطة من م ] تسلم نفسه لذلك واستعمله الإمام في جميع أمور المسلمين . فإذا كان كذلك يعطى له عند ذلك الكفاية له ولعياله . وأما إذا تولى شيئا من تلك العمالة في وقت ، فيعطى له الكفاية ، فلا .

والأشبه عندنا أن يعطى لهم قدر عمالتهم وهكذا الإمام إذا استعمل أحدا في عمل من أعمال اليتيم فإنه يعطى له قدر أجر عمله .

وقوله تعالى : ( والمؤلفة قلوبهم ) قد ذكرنا في ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يعطي الرؤساء من المنافقين الصدقات ، يتألف له قلوبهم ليسلموا على ما روي أنه كان يعطي فلانا مئة من الإبل وفلانا كذا . وروي أنه قسم ذهبة في أديم مقروظ بعثها علي رضي الله عنه من اليمن بين الأقرع بن حابس وبين فلان وفلان . والحديث في هذا كثير . أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخص به الرؤساء منهم بالصدقة ، يتألفهم والإسلام في ضعف ، وأهله في قلة وأولئك كثير ذووا[ في الأصل وم : ذو ] قوة وعدة .

فأما اليوم فقد كثر أهل الإسلام وعز الدين وصار أولئك أذلاء بحمد الله فقد ارتفع ذلك وذهب ، إذ قوي المسلمون ، وكثروا فيقاتلون حتى يسملوا .

وعلى ذلك جاء الخبر عن أبي بكر وعمر رضي الله عنه ما دل على ما ذكرنا ؛ روي أن الأقرع بن حابس وعيينة بن [ حصن جاء ][ في الأصل وم : فلان جاؤوا ] إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالا[ في الأصل وم : فقالوا ] : يا خليفة الله إن عندنا أرضا سبخة ، ليس فيها كلأ ولا منفعة ، فإن رأيت أن تقطناها[ فأقطعها إياهما ][ في الأصل وم : فأقطعنا إياها ] وكتب لهما [ بذلك ][ ساقطة من الأصل وم ] عليها كتابا ] وأشهد عمر رضي الله عنه ، وليس في القوم[ في الأصل وم : قوم ] فانطلقنا إلى عمر ليشهداه . فلما سمع عمر ما في الكتاب تناوله[ في الأصل وم : فتناوله ] من أيديهما ] ، ثم نظر فيه ، فمحاه ، فتذمرا ، وقالا[ الواو ساقطة من الأصل ] له مقالة سيئة ، وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألفكما ، والإسلام يومئذ قليل وإن الله تعالى قد أعز الإسلام ، فاذهبا ، فاجهدا جهدكما ، لا أرعى الله عليكما إن رعيتما .

ونحن نذهب إلى هذا الحديث لأن أبا بكر لم ينكر على عمر قوله ولا فعله ، فصار ذلك وفاقا منه له ، فكفى بقولهما حجة لنا . ولنا في ذلك وجوه من الحجج .

أحدها : أن النبي عليه السلام كان يعاهد قوما وهو إلى مداراتهم ومعاهدتهم محتاج لما ذكرنا من قلة أهل الإسلام وطعنهم . فلما أعز الله الإسلام و أكثر أهله رد إلى أهل العهود عهودهم ، ثم أمر بمحاربتهم جميعا .

والثاني ما قال الله تعالى : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض )[ الأنفال : 67 ] فكانت الحال الثانية التي فيها الإسلام [ كثير ][ ساقطة من الأصل وم ] ، وقوي أهله وعزوا مخالفة للحال الأول في هذه الأشياء فكذلك أمر [ المنافقين كان ][ في الأصل المنافقين ، في م : المنافق ] جائزا لرؤساء في الحال الأول محظورا في الحال الثانية ، والله أعلم .

وفي الآية دلالة جواز النسخ بالاجتهاد لارتفاع المعنى الذي به كان ليعلم أن النسخ قد يكون بوجوده .

وفي خبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما دلالة أن إذن الإمام شرط في إحياء الأرض الموات لا تملك إلا بالإذن لأن دانيك الرجلين اللذين أتيا أبا بكر فقالا : الأرض ، لا كلأ فيها ولا ذلك ، صورة أرض الموات .

وقوله تعالى : ( وفي الرقاب ) اختلف فيه [ بوجوه :

أحدها ][ ساقطة من الأصل وم ] : قال بعضهم معناه العتق ، ويجوز أن يعتق عن الزكاة ، وقال بعضهم : هم المكاتبون يستأدونهم في كتابتهم ، وقالوا : لا يشبه الإعتاق ما يدفع إلى المكاتب ، فيؤدي ، فيعتق ؛ لأن العتق ليس بتمليك ، وإنما هو إبطال ملك ، وما يدفع إلى المكاتب فهو تمليك . فذلك مختلف . وإنما تكون الزكاة زكاة إذا زالت من مالك إلى مالك .

والثاني : أن العتق يوجب الولاء للمعتق ؛ فحقه فيه باق ، والذي يدفع فيه الزكاة إلى مكاتب لغيره ، ولا يرجع إليه بذلك حق ، ولا يجب يه ولاء ، فهما مختلفان .

والثالث : وهو أن الله تعالى قال : ( والغارمين ) ولو أن رجلا ، فضى من غارم دينه بغير أمره ، لم يجزه من زكاة ماله ، وإنما تكون زكاة إذا دفعها إلى الغارمز فعتق المزكي العبد بمنزلة قضاء دين الغارم لأنه لا يحتاج في واحد منهما إلى قبول من الغارمين والعبد ، وإعطاء المكاتب في الزكاة كدفعه إياها إلى الغارم لأنه قد دفعها إليه في كلا الحالين إلى من قبلها منه من زكاة وقبضها .

وفي ذلك وجه آخرح وذلك : أن أشتري عبدا من رجل لأعتقه ، فقد صار ثمنه دينا في ذمتي قبل أن أنقد المال . فإذا قضيته فإنما أقضيه عن ذمتي دينا ، قد لزمني . ولا يجوز أن أقضي عن ديني .

وقوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) قيل : الضيف ، ينزل به ، وقيل : هو المار عليك ، وإن كان غنيا ، المنقطع عن ماله .

وقوله تعالى : ( فريضة من الله ) يحتمل بيانا من الله ، وأعلاها أهل الصدقات منهم من غيرهم . ويحتمل قوله : ( فريضة من الله ) أي واجبا من الله وفرضا ( والله عليم حكيم ) .