تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة القدر{[1]}

وهي مكية .

يخبر الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر ، وهي الليلة المباركة التي قال الله ، عز وجل : { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } [ الدخان : 3 ] وهي ليلة القدر ، وهي من شهر رمضان ، كما قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } [ البقرة : 185 ] .

قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزّة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .


[1]:زيادة من أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة القدر

اختلف الناس في موضع نزول هذه السورة ، فقال ابن عباس وغيره : هي مدنية ، وقال قتادة : هي مكية{[1]} .

الضمير في { أنزلناه } للقرآن ، وإن لم يتقدم ذكره لدلالة المعنى عليه ، فقال ابن عباس وغيره : أنزله الله تعالى { ليلة القدر } إلى السماء الدنيا جملة ، ثم نجمه{[11917]} على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة ، وقال الشعبي وغيره : { إنا } ابتدأنا إنزال هذا القرآن إليك { في ليلة القدر } ، وقد روي أن نزول الملك في حراء كان في العشر الأواخر من رمضان ، فيستقيم هذا التأويل ، وقد روي أنه قد نزل في الرابع عشر من رمضان ، فلا يستقيم هذا التأويل إلا على قول من يقول : إن ليلة القدر تستدير الشهر كله ، ولا تختص بالعشر الأواخر ، وهو قول ضعيف ، حديث النبي صلى الله عليه وسلم يرده في قوله : «فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان » . وقال جماعة من المتأولين معنى قوله : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } إنا أنزلنا هذه السورة في شأن ليلة القدر وفي فضلها ، وإذا كانت السورة من القرآن جاء الضمير للقرآن تفخيماً وتحسيناً ، فقوله تعالى : { في ليلة } هو قول عمر بن الخطاب : لقد خشيت أن ينزل في قرآن ليلة نزول سورة الفتح ، ونحو قول عائشة في حديث الإفك : لأنا أحقر في نفسي من أن ينزل في قرآن ، و { ليلة القدر } : هي ليلة خصها الله تعالى بفضل عظيم وجعلها أفضل { من ألف شهر } ، لا ليلة قدر فيها ، وقاله مجاهد وغيره ، وخصت هذه الأمة بهذه الفضيلة لما رأى محمد عليه السلام أعمال أمته فتقاصرها{[11918]} .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[11917]:أي: أنزله نجما بعد نجم، وكانت تنزل منه الآية والآيتان.
[11918]:كأنه ظن أنها لا تكفي أن يبلغوا من الأعمال مثل ما بلغ غيرهم من الأمم في أعمارهم الطويلة.