تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡغُلَٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤۡمِنَيۡنِ فَخَشِينَآ أَن يُرۡهِقَهُمَا طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗا} (80)

قد تقدم أن هذا الغلام كان اسمه جَيْسُور . وفي الحديث عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرًا " . رواه ابن جرير من حديث ابن إسحاق ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، به ؛ ولهذا قال : { فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا } أي : يحملهما حبه على متابعته على الكفر .

قال قتادة : قد فرح به أبواه حين ولد ، وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما ، فليرض{[18364]} امرؤ بقضاء الله ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه{[18365]} فيما يحب .

وصح في الحديث : " لا يقضي الله للمؤمن قضاء{[18366]} إلا كان خيرًا له " . وقال تعالى : { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [ البقرة : 216 ] .

/خ65


[18364]:في ت، ف، أ: "فرضى".
[18365]:في ف: "من قضائه له".
[18366]:في أ: "للمؤمنين قضاء".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡغُلَٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤۡمِنَيۡنِ فَخَشِينَآ أَن يُرۡهِقَهُمَا طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗا} (80)

{ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما } أن يغشيهما . { طغيانا وكفرا } لنعمتهما بعقوقه فليحقهما شرا ، أو يقرن بايمانهما طغيانه وكفره يجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر ، أو يعديهما بعلته فيرتدا بإضلاله ، أو بممالأته على طغيانه وكفره حياله وإنما خشي ذلك لأن الله تعالى أعلمه . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن نجدة الحروري كتب إليه كيف قتله وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الولدان ، فكتب إليه إن كنت علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل . وقرئ " فخاف ربك " أي فكره كراهة من خاف سوء عاقبته ، ويجوز أن يكون قوله { فخشينا } حكاية قول الله عز وجل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَمَّا ٱلۡغُلَٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤۡمِنَيۡنِ فَخَشِينَآ أَن يُرۡهِقَهُمَا طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗا} (80)

تقدم القول في { الغلام } ، والخلاف في بلوغه أو صغره ، وفي الحديث : أن ذلك الغلام طبع يوم طبع كافراً ، وهذا يؤيد ظاهره أنه كان غير بالغ ، ويحتمل أن يكون خبراً عنه ، مع كونه بالغاً . وقيل اسم الغلام جيسور بالراء ، وقيل جيسون بالنون ، وهذا أمر كله غير ثابت ، وقرأ أبي بن كعب : «فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين » ، وقرأ أبو سعيد الخدري «فكان أبواه مؤمنان » فجعلها كان التي فيها الأمر والشأن{[7875]} ، وقوله { فخشينا } قيل هو في جملة الخضر ، فهذا متخلص . والضمير عندي للخضر وأصحابه الصالحين الذين أهمهم الأمر وتكلموا فيه ، وقيل هو في جهة الله تعالى ، وعنه عبر الخضر قال الطبري معناه فعلمنا وقال غيره معناه فكرهنا والأظهر عندي في توجيه هذا التأويل ، وإن كان اللفظ يدافعه ، أنها استعارة ، أي على ظن المخلوقين والمخاطبين ، لو علموا حاله لوقعت منهم خشية الرهق للأبوين ، وقرأ ابن مسعود «فخاف ربك » وهذا بين في الاستعارة وهذا نظير ما يقع في القرآن في جهة الله تعالى من لعل وعسى : فإن جميع ما في هذا كله ، من ترج وتوقع ، وخوف ، وخشية ، إنما هو بحبكم أيها المخاطبون ، و { يرهقهما } معناه يحثهما ويكلفهما بشدة ، والمعنى أن يلقيهما حبه في اتباعه .


[7875]:قال أبو الفتح ابن جني: يجوز في الرفع هنا تقديران: أحدهما أن بكون اسم (كان) ضمير الغلام، أي: فكان هو أبواه مؤمنان، والجملة بعده خبر كان. والآخر أن يكون اسم (كان) مضمرا فيها، وهو ضمير الشأن والحديث، أي: فكان الشأن أو الحديث أبواه مؤمنان، والجملة بعده خبر (كان) على مضى، إلا أنه على هذا الوجه الثاني لا ضمير عائدا على اسم (كان)، لأن ضمير الشأن لا يحتاج إلى ضمير يعود عليه من الجملة بعده.