النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَمَّا ٱلۡغُلَٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤۡمِنَيۡنِ فَخَشِينَآ أَن يُرۡهِقَهُمَا طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗا} (80)

قوله عز وجل : { وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنَ فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } قال سعيد بن جبير : وجد الخضر غلماناً يلعبون فأخذ غلاماً ظريفاً فأضجعه وذبحه ، وقيل كان الغلام سداسياً وقيل أنه أراد بالسداسي ابن ست عشرة سنة ، وقيل بل أراد أن طوله ستة أشبار ، قاله الكلبي : وكان الغلام لصاً يقطع الطريق بين قرية أبيه وقرية أمه فينصره أهل القريتين ويمنعون منه .

قال قتادة : فرح به أبواه حين ولد ، وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما . قيل كان اسم الغلام جيسور . قال مقاتل وكان اسم أبيه كازير ، واسم أمه سهوى{[1842]} .

{ فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْياناً وَكُفْراً } فيه ثلاثة أوجه :

أحدهما : علم الخضر أن الغلام يرهق أبويه طغياناً وكفراً لأن الغلام كان كافراً قال قتادة : وفي قراءة أُبي : { وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ كَافِراً وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } فعبر عن العلم بالخشية .

الثاني : معناه فخاف ربك أن يرهق الغلام أبويه طغياناً وكفراً ، فعبر عن الخوف بالخشية قال مقاتل : في قراءة أبي : { فَخَافَ رَبُّكَ } . والخوف هاهنا استعارة لانتفائه عن الله تعالى .

الثالث : وكره الخضر أن يرهق الغلام أبويه بطغيانه وكفره إثماً وظلماً فصار في الخشية ها هنا ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها العلم .

الثاني : أنها الخوف .

الثالث : الكراهة .

وفي { يُرْهِقَهُمَا } وجهان :

أحدهما : يكفلهما ، قاله ابن زيد .

الثاني : يحملهما على الرهق وهو الجهد .


[1842]:زيادة من ق.