تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِيٓ أَيَّامٖ نَّحِسَاتٖ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ} (16)

{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا } قال بعضهم : وهي الشديدة الهبوب . وقيل : الباردة . وقيل : هي التي لها صوت .

والحق أنها متصفة بجميع ذلك ، فإنها كانت ريحا شديدة قوية ؛ لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم ، وكانت باردة شديدة البرد جدا ، كقوله تعالى : { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } [ الحاقة : 6 ] ، أي : باردة شديدة ، وكانت ذات صوت مزعج ، ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق " صرصرا{[25650]} لقوة صوت جريه .

وقوله : { فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ } أي : متتابعات ، { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا } [ الحاقة : 7 ] ، كقوله { فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ } [ القمر : 19 ] ، أي : ابتدئوا بهذا العذاب في يوم نحس عليهم ، واستمر بهم هذا النحس سبع ليال وثمانية أيام حتى أبادهم عن آخرهم ، واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الآخرة ؛ ولهذا قال تعالى : { لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى } [ أي ] {[25651]} أشد خزيا لهم ، { وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ } أي : في الأخرى {[25652]} ، كما لم ينصروا في الدنيا ، وما كان لهم من الله من واق يقيهم العذاب ويدرأ عنهم النكال .


[25650]:- (5) في ت، س: "صرصر".
[25651]:- (6) زيادة من أ.
[25652]:- (7) في ت: "الآخرة".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِيٓ أَيَّامٖ نَّحِسَاتٖ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ} (16)

{ فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا } باردة تهلك بشدة بردها من الصر وهو البرد الذي يصر أي يجمع ، أو شديدة الصوت في هبوبها من الصرير . { في أيام نحسات } جمع نحسة من نحس نحسا نقيص سعد سعدا ، وقرأ الحجازيان والبصريان بالسكون على التخفيف أو النعت على فعل ، أو الوصف بالمصدر قيل كان آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء وما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء . { لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا } أضاف ال { عذاب } إلى { الخزي } وهو الذل على قصد وصفة به لقوله : { ولعذاب الآخرة أخزى } وهو في الأصل صفة المعذب وإنما وصف به العذاب على الإسناد المجازي للمبالغة . { وهم لا ينصرون } بدفع العذاب عنهم .