الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِيٓ أَيَّامٖ نَّحِسَاتٖ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ} (16)

{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } أي باردة شديدة الصوت والهبوب وأصله من الصرير ، فضوعف كما يقال : نهنهت وكفكفت ، وقد قيل : إنّ النهر الّذي يسمّى صرصراً إنّما سمي بذلك لصوت الماء الجاري فيه .

{ فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } متتابعات شديدات نكدات مشؤومات عليهم ليس فيها من الخير شيء ، وقرأ أبو جعفر وإبن عامر وأهل الكوفة { نَّحِسَاتٍ } بكسر الحاء ، غيرهم بجزمه .

أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه ، حدثنا مخلد بن جعفر ، حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا إسماعيل بن عيسى ، حدثنا إسحاق بن بشر ، حدثنا مقاتل عن الضحاك في قوله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } ، قال : أمسك الله تعالى عنهم المطر ثلاث سنين ودامت الرياح عليهم من غير مطر ، وبه عن مقاتل ، عن إبراهيم التيمي وعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ، قال : إذا أراد الله بقوم خيراً ، أرسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح ، وإذا أراد الله بقوم شرّاً حبس عنهم المطر وأرسل عليهم كثرة الرياح .

{ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى } لهم وأَشد إذلالاً وإهانه . { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ }