قوله : { صَرْصَراً } : الصَّرْصَرُ : الريحُ الشديدة فقيل : هي الباردةُ مِن الصِّرِّ ، وهو البردُ . وقيل : هي الشديدةُ السَّمومِ . وقيل هي المُصَوِّتَةُ ، مِنْ صَرَّ البابُ أي : سُمِع صريرُه . والصَّرَّة : الصَّيْحَةُ . ومنه : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ } [ الذاريات : 29 ] . قال ابن قتيبة : " صَرْصَر : يجوزُ أَنْ يكونَ من الصِّرِّ وهو البردُ ، وأَنْ يكونَ مِنْ صَرَّ البابُ ، وأَنْ تكونَ من الصَّرَّة ، وهي الصيحةُ ، ومنه : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ } [ الذاريات : 29 ] . وقال الراغب : " صَرْصَر لفظة من الصِّرِّ ، وذلك يرجِعُ إلى الشَّدِّ لِما في البرودة من التعقُّدِ " .
قوله : " نَحِساتٍ " قرأ الكوفيون وابن عامر بكسرِ الحاءِ ، والباقون بسكونِها . فأمَّا الكسرُ فهو صفةٌ على فَعِل ، وفعلُه فَعِل بكسرِ العين أيضاً كفِعْلِهِ يقال : نَحِس فهو نَحِسٌ كفَرِح فهو فَرِحٌ ، وأَشِرَ فهو أَشِرٌ . وأمال الليث/ عن الكسائي ألفَه لأجل الكسرةِ ، ولكنه غيرُ مشهورٍ عنه ، حتى نسبه الدانيُّ للوَهْم .
وأمَّا قراءةُ الإِسكانِ فتحتملُ ثلاثةَ أوجهٍ ، أحدُها : أَنْ يكونَ مخففاً مِنْ فَعِل في القراءةِ المتقدمةِ ، وفيه توافُقُ القراءتين . والثاني : أنَّه مصدرٌ وُصِفَ به كرجلٍ عَدْلٍ . إلاَّ أنَّ هذا يُضْعِفُه الجمعُ فإنَّ الفصيحَ في المصدرِ الموصوفِ أَنْ يُوَحَّدَ ، وكأنَّ المُسَوِّغَ للجمع اختلافُ أنواعِه في الأصل . والثالث : أنه صفةٌ مستقلةٌ على فَعْل بسكونِ العينِ . ولكن أهلَ التصريفِ لم يذكروا في الصفةِ الجائيةِ مِنْ فَعِلَ بكسرِ العين ، إلاَّ أوزاناً محصورةً ليس فيها فَعْل بالسكونِ فذكروا : فَرِحَ فهو فَرِحٌ ، وحَوِرَ فهو أحورُ ، وشَبعَ فهو شبعانُ ، وسَلِمَ فهو سالمٌ ، وبَلي فهو بالٍ .
وفي معنى " نَحِسات " قولان ، أحدهما : أنها مِن الشُّؤْم . قال السدِّي : أي : مشائيم مِن النَّحْسِ المعروف . والثاني : أنها شديدةُ البردِ . وأنشدوا على المعنى الأول قولَ الشاعرِ :
3954 يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ ويوماً شَمْسا *** نَجْمَيْنِ سَعْدَيْنِ ونجماً نَحْسا
وعلى المعنى الثاني قولَ الآخرِ :
3955 كأنَّ سُلافَةً عُرِضَتْ لنَحْسٍ *** يُحِيْلُ شَفيفُها الماءَ الزُّلالا
3956 قد أَغْتدي قبلَ طُلوعِ الشمسِ *** للصيدِ في يومٍ قليلِ النَّحْسِ
وقيل : يُريدُ به في هذا البيت الغبارَ أي : قليلِ الغبار ، وقد قيل بذلك في الآيةِ أنها ذاتُ غُبارٍ . و " نَحِسات " نعتٌ لأيَّام ، والجمعُ بالألفِ والتاءِ مُطَّرِدٌ في صفةِ ما لا يَعْقِلُ كأيامٍ معدوداتٍ . وقد تقدَّم تحقيقُه في البقرة .
و " لِنُذِيْقَهُمْ " متعلِّقٌ ب " أَرْسَلْنا " . وقُرِئ " لِتُذِيقَهم " بالتاءِ مِنْ فوقُ . وفي الضمير قولان ، أحدهما : أنه الريحُ أي : لتذيقَهم الريحُ أو الأيَّامُ على سبيل المجاز . وعذاب الخِزْيِ من إضافةِ الموصوفِ لصفتِه ، ولذلك قال : { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى } فإنه يَقْتضِي المشاركةَ وزيادةً . وإسنادُ الخِزْيِ إلى العذابِ مجازٌ لأنه سَبُبه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.