تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

يقول تعالى مسليا لنبيه في تكذيب من كذبه من قومه : { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ } وهو هود ، عليه السلام ، بعثه الله إلى عاد الأولى ، وكانوا يسكنون الأحقاف - جمع حقْف وهو : الجبل من الرمل - قاله ابن زيد . وقال عكرمة : الأحقاف : الجبل والغار . وقال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : الأحقاف : واد بحضرموت ، يدعى بُرْهوت ، تلقى فيه أرواح الكفار . وقال قتادة : ذُكر لنا أن عادا كانوا حيا باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشِّحْر .

قال ابن ماجه : " باب إذا دعا فليبدأ بنفسه " : حدثنا الحسين بن علي الخلال ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرحمنا الله ، وأخا عاد " {[26443]} .

وقوله : { وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } يعني : وقد أرسل الله إلى من حَول بلادهم من القرى مرسلين ومنذرين ، كقوله : { فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا } [ البقرة : 66 ] ، وكقوله : { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأنزلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [ فصلت : 13 ، 14 ] {[26444]} {[26445]} أي : قال لهم هود ذلك ، فأجابه قومه قائلين : { أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا }


[26443]:- (1) سنن ابن ماجه (3852) وقال البوصيري في الزوائد (3/204): "هذا إسناد صحيح وله شواهد في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي بن كعب".
[26444]:- (2) في م: "تولوا"، وهو خطأ.
[26445]:- (3) في ت، م، أ، هـ: "إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"، والصواب ما أثبتناه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

{ واذكر أخا عاد } يعني هودا . { إذ أنذر قومه بالأحقاف } جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج ، وكانوا يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بالشحر من اليمن . { وقد خلت النذر } الرسل . { من بين يديه ومن خلفه } قبل هود وبعده والجملة حال أو اعتراض . { ألا تعبدوا إلا الله } أي لا تعبدوا ، أو بأن لا تعبدوا فإن النهي عن الشيء إنذار من مضرته . { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } هائل بسبب شرككم .