تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

ولما نفى عنها في خلقها النقص ، بين كمالها وزينتها فقال : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } وهي الكواكب التي وضعت فيها من السيارات والثوابت .

وقوله : { وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ } عاد الضمير في قوله : { وَجَعَلْنَاهَا } على جنس المصابيح لا على عينها ؛ لأنه لا يرمى بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم .

وقوله : { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ } أي : جعلنا{[29107]} للشياطين هذا الخزي في الدنيا ، وأعتدنا لهم عذاب السعير في الأخرى ، كما قال : في أول الصافات : { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإ الأعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 6 - 10 ] .

قال قتادة : إنما خلقت هذه النجوم لثلاث خصال : خلقها الله زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها ، فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه ، وتكلف ما لا علم له به . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .


[29107]:- (2) في م: "أي: جعلناها".