{ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح } بيّن سبحانه بعد خلق السموات ، وخلوّها من العيب والخلل أنه زينها بهذه الزينة ، فصارت في أحسن خلق وأكمل صورة وأبهج شكل ، والمجيء بالقسم لإبراز كمال العناية ، والمصابيح جمع مصباح ، وهو السراج ، وسميت الكواكب مصابيح لأنها تضيء كإضاءة السراج وبعض الكواكب ، وإن كان في غير سماء الدنيا من السموات التي فوقها ، فهي تتراءى كأنها كلها في سماء الدنيا أن أجرام السموات لا تمنع من رؤية ما فوقها مما له إضاءة لكونها أجراماً صقيلة شفافة { وجعلناها رُجُوماً للشياطين } أي وجعلنا المصابيح رجوماً يرجم بها الشياطين . وهذه فائدة أخرى غير الفائدة الأولى ، وهي كونها زينة للسماء الدنيا ، والمعنى أنها يرجم بها الشياطين الذين يسترقون السمع ، والرجوم جمع رجم بالفتح ، وهو في الأصل مصدر أطلق على المرجوم به ، كما في قولهم : الدرهم ضرب الأمير : أي مضروبة ، ويجوز أن يكون باقياً على مصدريته ، ويقدر مضاف محذوف : أي ذات رجم ، وجمع المصدر باعتبار أنواعه . وقيل : إن الضمير في قوله : { وجعلناها } راجع إلى المصابيح على حذف مضاف : أي شهبها ، وهي نارها المقتبسة منها لا هي أنفسها : لقوله : { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخطفة فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 10 ] ووجه هذا : أن المصابيح التي زين الله بها السماء الدنيا لا تزول ولا يرجم بها ، كذا قال أبو عليّ الفارسي جواباً لمن سأله : كيف تكون المصابيح زينة وهي رجوم ؟ قال القشيري : وأمثل من قوله هذا أن تقول : هي زينة قبل أن يرجم بها الشياطين . قال قتادة : خلق الله النجوم لثلاث : زينة للسماء ، ورجوماً للشياطين ، وعلامات يهتدى بها في البرّ والبحر ، فمن تكلم فيها بغير ذلك ، فقد تكلم فيما لا يعلم وتعدّى وظلم . وقيل : معنى الآية : وجعلناها ظنوناً لشياطين الإنس ، وهم المنجمون { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السعير } أي وأعتدنا للشياطين في الآخرة بعد الإحراق في الدنيا بالشهب عذاب السعير : أي عذاب النار ، والسعير : أشدّ الحريق ، يقال : سعرت النار ، فهي مسعورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.