الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ} (5)

{ الدنيا } القربى ؛ لأنها أقرب السموات إلى الناس ، ومعناها : السماء الدنيا منكم . والمصابيح السرج ، سميت بها الكواكب ، والناس يزينون مساجدهم ودورهم بأثقاب المصابيح ، فقيل : ولقد زينا سقف الدار التي اجتمعتم فيها { بمصابيح } أي بأي مصابيح لا توازيها مصابيحكم إضاءة ، وضممنا إلى ذلك منافع أخر : أنا ( جعلناها رجوما ) لأعدائكم : ( للشياطين ) الذين يخرجونكم من النور إلى الظلمات ، وتهتدون بها في ظلمات البر والبحر . قال قتادة : خلق الله النجوم لثلاث : زينة للسماء ، ورجوماً للشياطين ، وعلامات يهتدى بها ، فمن تأوّل فيها غير ذلك فقد تكلف مالا علم له به . وعن محمد بن كعب : في السماء والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم ، ولكنهم يبتغون الكهانة ويتخذون النجوم علة . والرجوم : جمع رجم : وهو مصدر سمي به ما يرجم به . ومعنى كونها مراجم للشياطين : أنّ الشهب التي تنقض لرمي المسترقة منهم منفصلة من نار الكواكب ، لا أنهم يرجمون بالكواكب أنفسها ؛ لأنها قارة في الفلك على حالها . وما ذاك إلا كقبس يؤخذ من نار ، والنار ثابتة كاملة لا تنقص . وقيل : من الشياطين المرجومة من يقتله الشهاب . ومنهم من يخبله . وقيل : معناه وجعلناها ظنوناً ورجوماً بالغيب لشياطين الإنس وهم النجامون . { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السعير } في الآخرة بعد عذاب الإحراق بالشهب في الدنيا .