تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٖ مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُواْ مَعِيَ أَبَدٗا وَلَن تُقَٰتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِيتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٖ فَٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡخَٰلِفِينَ} (83)

يقول تعالى آمرا لرسوله عليه الصلاة والسلام{[13747]} { فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ } أي : ردك الله من غَزْوَتك هذه { إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ } قال قتادة : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر رجلا { فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ } أي : معك إلى غزوة أخرى ، { فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا } أي : تعزيرا لهم وعقوبة . ثم علل ذلك بقوله : { إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا كقوله تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الأنعام : 110 ] فإن من جزاء السيئة السيئة بعدها كما أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، كما قال في عُمرة الحديبية : { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ } [ الفتح : 15 ]

وقوله تعالى : { فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ } قال ابن عباس : أي الرجال الذين تخلفوا عن الغزاة . وقال قتادة : { فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ } أي : مع النساء .

قال ابن جرير : وهذا لا يستقيم ؛ لأن جمع النساء لا يكون بالياء والنون ، ولو أريد النساء لقال : فاقعدوا مع الخوالف ، أو الخالفات ، ورجح قول ابن عباس رضي الله عنهما{[13748]} {[13749]}


[13747]:- في أ : "صلى الله عليه وسلم".
[13748]:- في ت ، ك ، أ : "عنه"
[13749]:- تفسير الطبري (14/405).