محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٖ مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُواْ مَعِيَ أَبَدٗا وَلَن تُقَٰتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِيتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٖ فَٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡخَٰلِفِينَ} (83)

ولما جلّى سبحانه ما جلى من أمرهم ، فرّع عليه قوله :

/ [ 83 ] { فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين 83 } .

{ فإن رجعك الله } أي ردّك من غزوة تبوك { إلى طائفة منهم } أي من المنافقين المتخلفين في المدينة { فاستأذنوك للخروج } معك إلى غزوة أخرى بعد تبوك ، دفعا للعار السابق { فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ، إنكم رضيتم بالقعود أول مرة } أي فخذلكم الله ، وسقطتم عن نظره ، بل غضب عليكم ، وألزمكم العار { فاقعدوا مع الخالفين } أي من النساء والصبيان دائما .

لطائف

قوله تعالى : { لن تخرجوا معي أبدا } إخبار في معنى النهي للمبالغة ، وذكر القتال لأنه المقصود من الخروج . فلو اقتصر على أحدهما كفى إسقاطا لهم عن مقام الصحبة ، ومقام الجهاد ، أو عن ديوان الغزاة ، وديوان المجاهدين ، وإظهارا لكراهة صحبتهم ، وعدم الحاجة إلى عدّهم من الجند . أو ذكر الثاني للتأكيد ، لأنه أصرح في المراد ، والأول لمطابقته لسؤاله كقوله :

*أقول له ارحل لا تقيمن عندنا*

فهو أدل على الكراهة لهم- أفاده الشهاب – .

قال أبو السعود : فكان محو أساميهم من دفتر المجاهدين ، ولزّهم في قرن الخالفين ، عقوبة لهم أيّ عقوبة . ثم قال : وتذكير اسم التفضيل المضاف إلى المؤنث ، هو الأكثر الدائر على الألسنة . فإنك لا تكاد تسمع قائلا يقول : هي كبرى امرأة ، أو أولى مرة .