السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٖ مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُواْ مَعِيَ أَبَدٗا وَلَن تُقَٰتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِيتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٖ فَٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡخَٰلِفِينَ} (83)

{ فإن رجعك } أي : ردّك { الله } من غزوة تبوك { إلى طائفة منهم } أي : ممن تخلف بالمدينة من المنافقين وإنما قال : { إلى طائفة منهم } لأنّ منهم من تاب عن النفاق وندم على التخلف أو اعتذر بعذر صحيح ، وقيل : لم يكن المخلفون كلهم منافقين وأراد بالطائفة المنافقين منهم { فاستأذنوك للخروج } معك إلى غزوة أخرى بعد تبوك { فقل } يا محمد لهؤلاء الذين طلبوا الخروج معك وهم مقيمون على نفاقهم { لن تخرجوا معي أبداً } أي : في سفر من الأسفار إنّ الله تعالى قد أغناني عنكم وأحوجكم إلي { ولن تقاتلوا معي عدوّاً } إخبار بمعنى النهي للمبالغة وقوله تعالى : { إنكم رضيتم بالقعود أوّل مرّة } تعليل له وكان إسقاطهم من ديوان الغزاة عقوبة لهم على تخلفهم وأوّل مرة هي الخرجة إلى غزوة تبوك { فاقعدوا مع الخالفين } أي : المتخلفين عن الغزو من النساء والصبيان وغيرهم ، قال الرازي : واعلم أنّ هذه الآية تدل على أن الرجل إذا ظهر له من بعض إخوانه مكر وخداع ورآه مشدّداً فيه مبالغاً في تقرير موجباته فإنه يجب عليه أن يقطع العلقة بينه وبينه وأن يحترز عن مصاحبته .