لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَيۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ} (8)

قوله عز وجل : { الله يعلم ما تحمل كل أنثى } لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات أخبرهم الله عز وجل عن عظيم قدرته ، وكمال علمه وأنه عالم بما تحمل كل أنثى يعني من ذكر أو أنثى سويّ الخلق أو ناقص الخلق واحداً أو اثنين أو كثر { وما تغيض } يعني وما تنقص { الأرحام وما تزداد } قال أهل التفسير : غيض الأرحام الحيض على الحمل فإذا حاضت الحامل كان ذلك نقصاناً في الولد لأن دم الحيض هو غذاء الولد في الرحم ، فإذا خرج الدم نقص الغذاء فينقص الولد ، وإذا لم تحض يزداد الولد ويتم فالنقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم ، والزيادة تمام خلقه باستمساك الدم ، وقيل : إذا حاضت المرأة في وقت حملها ينقص الغذاء وتزداد مدة الحمل حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرة فإن رأت خمسة أيام دماً ، وضعت لتسعة أشهر وخمسة أيام فالنقصان في الغذاء زيادة في مدة الحمل . وقيل : النقصان السقط والزيادة تمام الخلق . وقال الحسن : غيضها نقصانها من تسعة أشهر والزيادة زيادتها على تسعة أشهر فأقل مدة الحمل ستة أشهر وقد يولد لهذه المدة ويعيش . واختلفوا في أكثره فقال قوم : أكثر مدة الحمل سنتان ، وهو قول عائشة ، وبه قال أبو حنيفة وقيل : إن الضحاك ولد لسنتين . وقال جماعة : أكثرها أربع سنين وإليه ذهب الشافعي . وقال حماد بن أبي سلمة : إنما سمي هرم بن حيان هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين ، وعند مالك أن أكثر مدة الحمل خمس سنين { وكل شيء عنده بمقدار } يعني بتقدير واحد لا يجاوزه ، ولا ينقص منه . وقيل : إنه تعالى يعلم كمية كل شيء وكيفيته على أكمل الوجوه . وقيل : معناه إنه تعالى خصص كل حادثة من الحوادث بوقت معين وحالة معينة وذلك بمشيئته الأزلية وإرادته وتقديره الذي لا يقدر عليه غيره .