لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

قال ابن الجوزي : اختلفوا في نزولها على قولين : أحدهما أنها مكية ، رواه أبو طلحة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير وعطاء وقتادة . وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكية إلا آيتين إحداهما قوله{ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة } والأخرى قوله{ ويقول الذين كفروا لست مرسلا } . والقول الثاني أنها مدنية رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس ، وبه قال جابر بن زيد وروي عن ابن عباس أنها مدينة إلا آيتين نزلتا بمكة ، وهما قوله{ ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } إلى آخر الآيتين وقال بعضهم : المدني منها قوله{ هو الذي يريكم البرق } إلى قوله{ دعوة الحق } وهي ثلاث وقيل خمس وأربعون آية وثمانمائة وخمس وخمسون كلمة وثلاثة آلاف وخمسمائة وستة أحرف .

قوله عز و جل { آلمر } قال ابن عباس رضي الله عنهما : معناه أنا الله أعلم وأرى . وروى عطاء عنه أنه قال : إن معناه أنا الله الملك الرحمن { تلك آيات الكتاب } الإشارة بتلك إلى آيات السورة المسماة بالمر ، والمراد بالكتاب السورة أي آيات السورة الكاملة العجيبة في بابها ثم قال تعالى : { والذي أنزل إليك من ربك الحق } يعني من القرآن كله هو الحق الذي لا مزيد عليه ، وقيل المراد بالإشارة في قوله : تلك الأخبار والقصص أي الأخبار والقصص التي قصصتها عليك يا محمد هي آيات التوراة والإنجيل والكتب الإلهية القديمة المنزلة ، والذي أنزل إليك يعني وهذا القرآن الذي أنزل إليك يا محمد من ربك الحق أي هو الحق فاعتصم به وقال ابن عباس وقتادة : أراد بآيات الكتاب القرآن ، والمعنى : هذه آيات الكتاب الذي هو القرآن ثم قال : والذي أنزل إليك من ربك الحق يعني : وهذا القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق لا شك فيه ولا تناقض { ولكن أكثر الناس لا يؤمنون } يعني مشركي مكة نزلت هذه الآية في الرد عليهم حين قالوا إن محمداً يقوله من تلقاء نفسه ،