لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ} (25)

قوله عز وجل : { إن الذين ارتدوا على أدبارهم } يعني رجعوا القهقرى كفاراً { من بعد ما تبين لهم الهدى } يعني من بعد ما وضح لهم طريق الهداية . قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعد ما عرفوه ووجدوا نعته في كتابهم . وقال ابن عباس والضحاك والسدي : هم المنافقون آمنوا أولاً ثم كفروا ثانياً { الشيطان سول لهم } يعني زين لهم القبيح حتى رأوه حسناً { وأملى لهم } قرئ بضم الألف وكسر اللام وفتح الياء على ما لم يسم فاعله يعني أمهلوا ومد لهم في العمر وقرئ وأملى لهم بفتح الألف واللام بمعنى وأملى لهم الشيطان بأن مد لهم في الأمل .

فإن قلت : الإملاء والإمهال لا يكونان إلا من الله لأنه الفاعل المطلق وليس للشيطان فعل قط على مذهب أهل السنة ، فما معنى هذه القراءة .

قلت إن المسول والمملي هو الله تعالى في الحقيقة وليس للشيطان فعل إنما أسند إليه ذلك من حيث إن الله تعالى قدر ذلك على يده ولسانه فالشيطان يمنيهم ويزين لهم القبيح ويقول لهم في آجالكم فسحة فتمتعوا بدنياكم ورياستكم إلى آخر العمر .