فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ} (25)

{ إن الذين ارتدوا على أدبارهم } أي رجعوا كفارا كما كانوا ، قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفوا نعته عندهم وبه قال ابن جريج وقال ابن عباس : هم أهل النفاق وقال الضحاك والسدي : هم المنافقون قعدوا عن القتال وهذا أولى لأن السياق في المنافقين .

{ من بعد ما تبين لهم الهدى } بما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات الظاهرة والآيات القاهرة والدلائل الواضحة ، والبراهين الباهرة { الشيطان سول لهم } أي زين لهم خطاياهم ، وسهل لهم الوقوع فيها ، وإقتراف الكبائر ، والجملة خبر إن .

{ وأملى لهم } أي مد لهم في الآمال والأماني ووعدهم طول العمر وقيل : إن الذي أملي لهم هو الله عز وجل على معنى أنه لم يعالجهم بالعقوبة ، قرأ الجمهور أملى على البناء للفاعل ، وقرئ على البناء للمفعول ، أي أمهلوا ومد في عمرهم ، واختار القول بأن الفاعل هو الله الفراء والمفضل والأولى اختيار أنه الشيطان لتقدم ذكره قريبا .