فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ} (25)

{ إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم } أي رجعوا كفاراً كما كانوا . قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بالنبيّ صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفوا نعته عندهم ، وبه قال ابن جرير . وقال الضحاك ، والسديّ : هم المنافقون قعدوا عن القتال ، وهذا أولى لأن السياق في المنافقين : { مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى } بما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات الظاهرة والدلائل الواضحة { الشيطان سَوَّلَ لَهُمْ } أي زيّن لهم خطاياهم وسهل لهم الوقوع فيها ، وهذه الجملة خبر «إن » ، ومعنى { وأملى لَهُمْ } : أن الشيطان مدّ لهم في الأمل ، ووعدهم طول العمر ، وقيل : إن الذي أملى لهم هو الله عزّ وجلّ على معنى : أنه لم يعاجلهم بالعقوبة .

قرأ الجمهور { أملى } مبنياً للفاعل ، وقرأ أبو عمرو ، وابن أبي إسحاق ، وعيسى بن عمر ، وأبو جعفر ، وشيبة على البناء للمفعول . قيل : وعلى هذه القراءة يكون الفاعل هو الله ، أو الشيطان كالقراءة الأولى ، وقد اختار القول بأن الفاعل الله الفرّاء ، والمفضل ، والأولى اختيار أنه الشيطان لتقدّم ذكره قريباً .

/خ31