صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ} (3)

{ إن شانئك هو الأبتر } الشانئ : المبغض . يقال : شنأه – كسمعه ومنعه – شنئا

- ويثلث – أبغضه . والأبتر في الأصل : مقطوع الذنب ، ثم أجري قطع العقب مجراه ؛ فقيل : فلان أبتر ، إذا لم يكن له عقب يخلفه . ورجل أبتر : أي انقطع ذكره عن الخير ؛ من البتر وهو القطع . يقال : بترت الشيء بترا ، إذا قطعته قبل الإتمام . والمعنى : أن مبغضك هو الأبتر المنقطع عن كل خير . أو الذي لا يبقى له عقب ونسل ، ولا حسن ذكر . وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن ذكرك ، وآثار فضلك إلى يوم القيامة . وقد حقق الله ذلك في شانئيه صلى الله عليه وسلم . قيل : نزلت في العاص بن وائل ، سمى النبي صلى الله عليه وسلم أبتر حين مات ابنه القاسم ، وهو أول مولود له قبل النبوة في قول . وعمم شيخ الإسلام ابن تيمية كلا من الشانئ والأبتر فقال : إنه سبحانه يبتر شانئ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خير ؛ ويبتر أهله وماله ، ويبتر حياته فلا ينتفع بها ، ويبتر قلبه فلا يعي الخير ، ولا يؤهله لمعرفته تعالى ومحبته ، ويبتر أعماله فلا يستعمله في طاعته ، ويبتره من الأنصار فلا يجد له ناصرا ، ويبتره من جميع القرب فلا يذوق لها طعما ، ولا يجد لها حلاوة . والأولى التعميم .

والله أعلم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ} (3)

قوله تعالى :{ إن شانئك } عدوك ومبغضك ، { هو الأبتر } هو الأقل الأذل المنقطع دابره . نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وذلك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من المسجد ، وهو يدخل ، فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا ، وأناس من صناديد قريش جلوس في المساجد ، فلما دخل العاص قالوا له : من الذي كنت تتحدث معه ؟ قال : ذلك الأبتر ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان قد توفي ابن لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها . وذكر محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال : كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعوه فإنه رجل أبتر ، لا عقب له ، فإذا هلك انقطع ذكره ، فأنزل الله تعالى هذه السورة . وقال عكرمة عن ابن عباس : نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة من قريش ، وذلك أنه لما قدم كعب مكة قالت له قريش : نحن أهل السقاية والسدانة ، وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه ؟ فقال : بل أنتم خير منه ، فنزلت : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت }( النساء- 51 ) . الآية ، ونزل في الذين قالوا : إنه أبتر : { إن شانئك هو الأبتر } أي المنقطع من كل خير .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ} (3)

{ إن شانئك هو الأبتر } الشانئ هو المبغض ، وهو من الشنآن بمعنى : العداوة ، ونزلت هذه الآية في العاص بن وائل ، وقيل : في أبي جهل على وجه الرد عليه ؛ إذ قال : إن محمدا أبتر ، أي : لا ولد له ذكر ، فإذا مات استرحنا منه ، وانقطع أمره بموته . فأخبر الله أن هذا الكافر هو الأبتر ، وإن كان له أولاد ؛ لأنه مبتور من رحمة الله ، أي : مقطوع عنها ، ولأنه لا يذكر -إذا ذكر- إلا باللعنة ، بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ذكره خالد إلى آخر الدهر ، مرفوع على المنابر والصوامع ، مقرون بذكر الله ، والمؤمنون من زمانه إلى يوم القيامة أتباعه فهو كوالدهم .