الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ} (3)

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : لما أوحى الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش : بتر محمد منا ، فنزلت { إن شانئك هو الأبتر } .

وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش : أنت خير أهل المدينة وسيدهم ، ألا ترى إلى هذا الصابئ المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ، ونحن أهل الحجيج ، وأهل السقاية ، وأهل السدانة ؟ قال : أنتم خير منه . فنزلت { إن شانئك هو الأبتر } ونزلت { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب } [ النساء : 51 ] إلى قوله : { فلن تجد له نصيراً } [ النساء : 52 ] .

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أيوب قال : لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم مشى المشركون بعضهم إلى بعض فقالوا : إن هذا الصابئ قد بتر الليلة ، فأنزل الله { إنا أعطيناك الكوثر } إلى آخر السورة .

وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ، فمات القاسم وهو أول ميت من ولده بمكة ، ثم مات عبد الله ، فقال العاصي بن وائل السهمي : قد انقطع نسله فهو أبتر ، فأنزل الله { إن شانئك هو الأبتر } .

وأخرج ابن عساكر من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : ولدت خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ، ثم أبطأ عليه الولد من بعده ، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم رجلاً والعاصي بن وائل ينظر إليه إذ قال له رجل : من هذا ؟ قال : هذا الأبتر -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- فكانت قريش إذا ولد للرجل ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا : هذا الأبتر ، فأنزل الله { إن شانئك هو الأبتر } أي مبغضك هو الأبتر الذي بتر من كل خير .

وأخرج البيهقي في الدلائل عن محمد بن علي قال : كان القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغ أن يركب على الدابة ، ويسير على النجيبة ، فلما قبضه الله قال عمرو بن العاصي : لقد أصبح محمد أبتر من ابنه ، فأنزل الله { إنا أعطيناك الكوثر } عوضاً يا محمد عن مصيبتك بالقاسم { فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر } قال البيهقي : هكذا روي بهذا الإِسناد وهو ضعيف ، والمشهور أنها نزلت في العاصي بن وائل .

وأخرج الزبير بن بكار وابن عساكر عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : توفي القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو آت من جنازته ، على العاصي بن وائل وابنه عمرو فقال حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأشنئوه ، فقال العاصي بن وائل : لا جرم ، لقد أصبح أبتر ، فأنزل الله { إن شانئك هو الأبتر } .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { إن شانئك هو الأبتر } قال : هو العاصي بن وائل .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كانت قريش تقول إذا مات ذكور الرجل : بتر فلان ، فلما مات ولد النبي صلى الله عليه وسلم قال العاصي بن وائل : بتر ، والأبتر الفرد .

وأخرج ابن المنذر وابن جرير وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { إن شانئك } يقول : عدوّك .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء { إن شانئك } قال : أبو جهل .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن عطية ، عن إبراهيم قال : كان عقبة بن أبي معيط يقول : إنه لا يبقى للنبي صلى الله عليه وسلم ولد ، وهو أبتر ، فأنزل الله فيه { إن شانئك هو الأبتر } .