{ إن شانئك هو الأبتر } أي مبغضك هو المنقطع عن الخير على العموم ، فيعم خيري الدنيا والآخرة ، أو الذي لا عقب له ، أو الذي لا يبقى ذكره بعد موته .
وظاهر الآية العموم ، وإن هذا شأن كل من يبغض النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ينافي ذلك كون سبب النزول هو العاص بن وائل كما سيأتي ، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما مر غير مرة .
قيل : كان أهل الجاهلية إذا مات الذكور من أولاد الرجل قالوا : قد بتر فلان ، فلما مات ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال : بتر محمد ، فنزلت الآية ، وقيل : القائل بذلك عقبة بن أبي معيط .
قال أهل اللغة : الأبتر من الرجال الذي لا ولد له ، ومن الدواب الذي لا ذنب له ، وكل أمر انقطع من الخير أثره فهو أبتر ، وأصل البتر القطع ، يقال : بترت الشيء بترا قطعته ، وفي المختار : بتره قطعه قبل التمام ، وبابه نصر ، والانبتار : الانقطاع ، والأبتر : المقطوع الذنب ، وبابه طرب .
وعن ابن عباس قال : " قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش : أنت خير أهل المدينة وسيدهم ، ألا ترى إلى هذا الصابئ المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ، ونحن أهل الحجيج ، وأهل السقاية ، وأهل السدانة ، قال : أنتم خير منه ، فنزلت { إن شانئك هو الأبتر } ، ونزلت { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب إلى قوله فلن تجد له نصيرا } " أخرجه البزار وابن أبي حاتم وابن مردويه ، قال ابن كثير : وإسناده صحيح .
وعن أبي أيوب قال : " لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مشى المشركون بعضهم إلى بعض فقالوا : إن هذا الصابئ قد بتر الليلة ، فأنزل الله { إنا أعطيناك الكوثر } إلى آخر السورة أخرجه الطبراني وابن مردويه .
وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : " كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القاسم ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ، رضي الله تعالى عنهم ، فمات القاسم وهو أول ميت من أهله وولده بمكة ، ثم مات عبد الله ، فقال العاص بن وائل السهمي : قد انقطع نسله ، فهو أبتر ، فأنزل الله { إن شانئك هو الأبتر } " وفي إسناده الكلبي ، وعنه قال : هو أبو جهل ، وعنه قال : يقول عدوك ، وقيل : ولد القاسم ، ثم زينب ، ثم عبد الله . قال الكلبي : ولدت زينب ، ثم القاسم ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ، ثم عبد الله ، وكان يقال له : الطيب والطاهر ، قال : وهذا هو الصحيح ، وغيره تخليط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.