وقوله تعالى :{ لنفتنهم فيه } أي : لنختبرهم كيف شكرهم فيما خولوا . وهذا قول سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والضحاك وقتادة ومقاتل والحسن . وقال آخرون : معناه وأن لو استقاموا على طريقة الكفر والضلالة لأعطيناهم مالاً كثيراً ، ولوسعنا عليهم لنفتنهم فيه ، عقوبةً لهم واستدراجاً حتى يفتتنوا بها فنعذبهم ، وهذا قول الربيع بن أنس وزيد بن أسلم والكلبي وابن كيسان ، كما قال الله : { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء } الآية ( الأنعام- 44 ) . { ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه } قرأ أهل الكوفة ويعقوب : { يسلكه } بالياء وقرأ الآخرون بالنون ، أي : ندخله ، { عذاباً صعداً } قال ابن عباس : شاقاً ، والمعى ذا صعد ، أي : ذا مشقة . قال قتادة : لا راحة فيه . وقال مقاتل : لا فرح فيه . قال الحسن : لا يزداد إلا شدة . والأصل فيه أن الصعود يشق على الإنسان .
ولما كانت نعمه فضلاً منه وليس مستحقة عليه بعبادة ولا غيرها ، قال تعالى معرفاً /أن غايتها استحقاق الثواب أو العقاب على ما كتبه على نفسه سبحانه ولا {[69162]}يبدل القول لديه{[69163]} وأن جميع ما يعامل به عباده سبحانه وتعالى من نفع وضر إنما هو فتنة لهم يستخرج ما جبلوا عليه من حسن أو قبيح : { لنفتنهم } أي نعاملهم معاملة المختبر بما لنا من العظمة { فيه } أي في ذلك الماء الذي تكون عنه أنواع النعم لينكشف حال الشاكر والكافر{[69164]} ، قال الرازي : وهذا بعد ما حبس عنهم المطر سنين{[69165]} - انتهى . وقال غيره : قال عمر رضي الله تعالى عنه : أينما كان الماء كان المال ، وأينما كان المال كانت الفتنة . وقال الحسن وغيره : كانوا سامعين مطيعين ففتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر ففتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه - يعني عثمان رضي الله تعالى عنه ويجوز أن يكون مستعاراً للعلم وأنواع المعارف الناشئة عن العبادات التي هي للنفوس كالنفوس للأبدان و{[69166]}تكون الفتنة بمعنى التخليص {[69167]}من الهموم الرذائل{[69168]} في الدنيا والنقم في الآخرة ، من فتنت الذهب{[69169]} - إذا خلصته{[69170]} من غشه{[69171]} .
ولما كان التقدير : فمن يقبل على ذكر ربه ننعمه {[69172]}في دار السلام{[69173]} أبداً ، عطف عليه قوله : { ومن يعرض } أي إعراضاً مستمراً إلى الموت { عن ذكر ربه } أي مجاوزاً عن عبادة المحسن إليه المربي له الذي لا إحسان عنده من غيره { نسلكه{[69174]} } أي ندخله { عذاباً } يكون مطرفاً{[69175]} له كالخيط يكون{[69176]} في ثقب الخرزة في غاية الضيق { صعداً * } أي شاقاً شديداً يعلوه ويغلبه ويصعد عليه ، ويكون كل يوم أعلى مما قبله جزاء وفاقاً ، فإن الإعراض كلما تمادى زمانه كان أقوى مما كان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.