الآية 17 : وقوله تعالى : { لنفتنهم فيه } فالفتنة المحنة التي فيها الشدة ؛ فإن كان هذا في أهل الكفر ففي بسط[ الرزق ]{[22332]} عليهم محنة شديدة لأن ذلك يمنعهم عن الخضوع والانقياد لرسوله الله صلى الله عليه وسلم لما يرون{[22333]} من الفضل على من دونهم في المال والسعة . ألا ترى إلى قوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون }[ سبأ : 34 ] [ وقوله تعالى ]{[22334]} : { وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها } ؟ [ الأنعام : 123 ] .
وإن كان التأويل منصرفا إلى أهل الإسلام ففي التوسيع عليهم محنة شديدة ، وكذلك جميع ما امتحنا به ، فيه قال الله تعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة }[ الأنبياء : 35 ] فما من حال تعترض الإنسان إلا وله{[22335]} فيها شدة .
وقوله تعالى : { ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا } فجائز أن يكون : ومن يعرض عن طاعة ربه وعبادته ، أو يعرض عن توحيده ، أو يعرض عن القرآن ، إذ هو الذكر{[22336]} ، والإعراض ههنا عبارة عن الإيثار والاختيار ، أي من يختر غير ذكر الله تعالى على ما ذكره أو طاعة غيره على طاعته .
وقوله تعالى : { يسلكه عذابا صعدا } على التحقيق كما ذكره أهل التفسير أنهم يكلفون الصعود على جبل من نار ، لا يقدرون إلا بعد شدة عظيمة ، ثم إذا بلغوا أعلاها يهوون فيها . فذلك دأبهم . وجائز أن يكون على التمثيل ، وذلك لأن الصعود أشد من الهبوط ، فيكون الصعود عبارة عن المشقة ههنا : أن يستقبله ما يشق عليه .
وقيل : المشقة التي عليه ، هي{[22337]} ما يحل به من العذاب متتابعا عذابا بعد عذاب .
وقال القتبي : الصعود المشقة ، يقال : يصعد عليّ هذا الأمر يشق عليّ .
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ما يصعدني أمر ما يصعدني خطبة النكاح ، أي ما يشق عليّ ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.