لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَمَن يُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ يَسۡلُكۡهُ عَذَابٗا صَعَدٗا} (17)

{ لنفتنهم فيه } وقيل الضمير راجع إلى الإنس وتم الخبر عن الجن ثم رجع إلى خطاب الإنس فقال تعالى : { وأن لو استقاموا } يعني كفار مكة على الطريقة يعني على طريقة الحق والإيمان والهدى وكانوا مؤمنين مطيعين { لأسقيناهم ماء غدقاً } يعني كثيراً وذلك بعد ما رفع عنهم المطر سبع سنين .

والمعنى لو آمنوا لوسعنا عليهم في الدنيا ولأعطيناهم ماء كثيراً وعيشاً رغداً . وإنما ذكر الماء الغدق مثلاً لأن الخير والرزق كله أصله من المطر وقوله «لنفتنهم فيه » أي لنختبرهم كيف شكرهم فيما خولوا فيه . وقيل في معنى الآية لو استقاموا أي ثبتوا على طريقة الكفر والضلالة لأعطيناهم مالاً كثيراً ولوسعنا عليهم لنفتنهم فيه عقوبة لهم واستدراجاً لهم حتى يفتنوا به فنعذبهم والقول الأول أصح لأن الطريقة معرفة بالألف واللام وهي طريقة الهدى والقول بأن الآية في الإنس أولى لأن الإنس هم الذين ينتفعون بالمطر { ومن يعرض عن ذكر ربه } أي عن عبادة ربه وقيل عن مواعظه { يسلكه } أي يدخله { عذاباً صعداً } ، قال ابن عباس شاقاً وقيل عذاباً لا راحة فيه وقيل لا يزداد إلا شدة .