{ لِنَفْتِنَهم فيه } فيكون زيادة في البلوى ، حكى السدي عن عمر في قوله " لأسقيناهم ماء غدقاً " أنه قال : حيثما كان الماء كان المال ، وحيثما كان المال كانت الفتنة ، فاحتملت الفتنة ها هنا وجهين :
الثاني : وقوع الفتنة والشر من أجله .
وأما من ذهب إلى أن المراد الاستقامة على الهدى والطاعة فلهم في تأويل قوله " لأسقيناهم ماءً غدقاً " أربعة أوجه :
أحدها : معناه لهديناهم الصراط المستقيم ، قاله ابن عباس .
الثاني : لأوسعنا عليهم في الدنيا ، قاله قتادة .
الثالث : لأعطيناهم عيشاً رغداً ، قاله أبو العالية .
الرابع : أنه المال الواسع ، لما فيه من النعم عليهم بحياة النفوس وخصب الزروع ، قاله أبو مالك والضحاك وابن زيد .
أحدهما : أنه العذب المعين ، قاله ابن عباس ، قاله أمية بن أبي الصلت :
مِزاجُها سلسبيلٌ ماؤها غَدَقٌ *** عَذْبُ المذاقةِ لا مِلْحٌ ولا كدرٌ
الثاني : أنه الواسع الكثير ، قاله مجاهد ، ومنه قول بن كثير{[3105]} :
وهبتُ لسُعْدَى ماءه ونباته *** فما كل ذي وُدٍّ لمن وَدَّ واهبُ .
لتروى به سُعدى ويروى محلّها *** وتغْدقَ أعداد{[3106]} به ومشارب
أحدهما : أنه إخبار عن حالهم في الدنيا .
الثاني : أنه إخبار عن حالهم في الآخرة لنفتنهم فيه .
فإن قيل إن هذا وارد في أهل الكفر والضلال كان في تأويله ثلاثة أوجه :
أحدها : افتتان أنفسهم بزينة الدنيا .
الثاني : وقوع الفتنة والاختلاف بينهم بكثرة المال .
الثالث : وقوع العذاب بهم كما قال تعالى : { يوم هم على النار يُفْتًنون } [ الذاريات : 13 ] أي يعذبون .
وإن قيل إنه وارد في أهل الهدى والطاعة فهو على ما قدمنا من الوجهين .
وهل هو اختبارهم في الدنيا ففي تأويله ثلاثة أوجه :
أحدها : لنختبرهم به ، قاله ابن زيد .
الثاني : لنطهرهم من دنس الكفر .
الثالث : لنخرجهم به من الشدة والجدب إلى السعة والخصب .
فإن قيل إنه إخبار عمّا لهم في الآخرة ففي تأويله وجهان :
أحدهما : لنخلصهم وننجيهم ، مأخوذ من فَتَن الذهب إذا خلّصه مِن غشه بالنار كما قال تعالى لموسى عليه السلام :
{ وفَتَنّاك فُتوناً } [ طه :40 ] أي خلصناك من فرعون .
الثاني : معناه لنصرفنهم عن النار ، كما قال تعالى
{ وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أَوْحَينْا إليك لتفْتري علينا غيره } [ الإسراء :73 ]
{ ومَنْ يُعْرِضْ عن ذِكْرِ ربِّه } قال ابن زيد : يعني القرآن وفي إعراضه عنه وجهان :
أحدهما : عن القبول ، إن قيل إنها من أهل الكفر .
الثاني : عن العمل ، إن قيل إنها من المؤمنين .
{ يَسْلُكْهُ عذاباً صَعَداً } فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جب في النار ، قاله أبو سعيد .
الثاني : جبل في النار إذا وضع يده عليه ذابت ، وإذا رفعها عادت ، وهو مأثور ، وهذان الوجهان من عذاب أهل الضلال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.