البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَمَن يُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ يَسۡلُكۡهُ عَذَابٗا صَعَدٗا} (17)

{ لنفتنهم } : أي لنختبرهم كيف يشكرون ما أنعم عليهم به ، أو لنمتحنهم ونستدرجهم ، وذلك على الخلاف في من يعود عليه الضمير في { استقاموا } .

وقرأ الأعمش وابن وثاب بضم واو لو ؛ والجمهور : بكسرها .

وقرأ الكوفيون : { يسلكه } بالياء ؛ وباقي السبعة : بالنون ؛ وابن جندب : بالنون من أسلك ؛ وبعض التابعين : بالياء من أسلك أيضاً ، وهما لغتان : سلك وأسلك ، قال الشاعر :

حتى إذا أسلكوهم في قبائدة . . .

وقرأ الجمهور : { صعداً } بفتحتين ، وذو مصدر صعد وصف به العذاب ، أي يعلو المعذب ويغلبه ، وفسر بشاق .

يقال : فلان في صعد من أمره ، أي في مشقة .

وقال عمر : ما يتصعد بي شيء كما يتصعد في خطبة النكاح ، أي ما يشق عليّ .

وقال أبو سعيد الخدري وابن عباس : صعد : جبل في النار .

وقال الخدري : كلما وضعوا أيديهم عليه ذابت .

وقال عكرمة : هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها ، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم ، فعلى هذا يجوز أن يكون بدلاً من عذاب على حذف مضاف ، أي عذاب صعد .

ويجوز أن يكون صعداً مفعول يسلكه ، وعذاباً مفعول من أجله .

وقرأ قوم : صعداً بضمتين ؛ وابن عباس والحسن : بضم الصاد وفتح العين .

قال الحسن : معناه لا راحة فيه .