صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ} (15)

{ لقد كان لسبأ في مسكنهم } هو في الأصل اسم رجل ، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان بن هود ، وهو أول ملوك اليمن . وكانت له عشرة أولاد ، تيامن منهم بعد السيل ستة ، وهم : الأزد وكندة ومذحج والأشعريون وأنمار وحمير . وتشاؤم منهم بعده أربعة ، وهم : عاملة وغسان ولخم وجذام . والمراد به هنا : الحي أو القبيلة المسماة باسمه ؛ فيصرف على الأول ، ويترك صرفه على الثاني ؛ وبهما قرئ . ومسكنهم : مأرب – بوزن منزل – باليمن على مسيرة ثلاث ليال من صنعاء . ويطلق عليها سبأ ، وهي مدينة بلقيس . { آية } علامة على قدرته تعالى وإحسانه ووجوب شكره . أو دالة على أن من بطر النعمة ولم يقم بحق شكرها سلبه الله إياها ، وبدله بها بؤسا وشقاء ، فليتعظ بذلك من كفر بالله وغمط نعمه ؛ ككفار مكة . { جنتان عن يمين وشمال } طائفتان من البساتين : طائفة عن يمين بلدهم ، وطائفة عن شماله ينعم الناس بثمارها ويستترون بظلالها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ} (15)

قوله تعالى : { لقد كان لسبأ } روى أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك القطيعي ، قال : قال رجل : " يا رسول الله أخبرني عن سبأ كان رجلاً أو امرأة أو أرضاً ؟ قال : كان رجلاً من العرب وله عشرة من الولد ، تيامن منهم ستة ، وتشاءم أربعة ، فأما الذين تيامنوا : فكندة ، والأشعريون ، وأزد ، ومذحج ، وأنمار ، وحمير ، فقال رجل : وما أنمار ؟ قال الذين منهم خثعم وبجيلة : وأما الذين تشاءموا : فعاملة ، وجذام ، ولخم ، وغسان ، وسبأ هو ابن يشجب ابن يعرب بن قحطان " . { في مسكنهم } قرأ حمزة ، وحفص : مسكنهم بفتح الكاف ، على الواحد ، وقرأ الكسائي بكسر الكاف ، وقرأ الآخرون : مساكنهم على الجمع ، وكانت مساكنهم بمأرب من اليمن ، { آية } دلالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، ثم فسر الآية فقال : { جنتان } أي : هي جنتان بستانان ، { عن يمين وشمال } أي : عن يمين الوادي وشماله . وقيل : عن يمين من أتاهم وشماله ، وكان لهم واد قد أحاطت الجنتان بذلك الوادي { كلوا } أي : وقيل لهم كلوا ، { من رزق ربكم } يعني : من ثمار الجنتين ، قال السدي ومقاتل : كانت المرأة تحمل مكتلها على رأسها وتمر بالجنتين فيمتلئ مكتلها من أنواع الفواكه من غير أن تمس شيئاً بيدها ، { واشكروا له } أي : على ما رزقكم من النعمة ، والمعنى : اعملوا بطاعته ، { بلدة طيبة } أي : أرض سبأ بلدة طيبة ليست بسبخة ، قال ابن زيد : لم يكن يرى في بلدتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ، وكان الرجل يمر ببلدهم وفي ثيابه القمل فيموت القمل كله من طيب الهواء ، فذلك قوله تعالى : { بلدة طيبة } أي : طيبة الهواء ، { ورب غفور } قال مقاتل : وربكم إن شكرتموه فيما رزقكم رب غفور للذنوب .