وقولُه تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ } الآية ، هذا مَثَلٌ لقريشٍ بِقَوْمٍ أنْعَمَ اللّه عَليهمْ فَلَمْ يَشْكُروا ؛ فَانْتَقَمَ مِنْهُم ، أي : فأنتم أيُّها القَوْمُ مِثْلُهم ، و«سبأ » هُنا يراد بهِ القَبِيلُ ، واخْتُلِفَ : لِمَ سُمِّي القَبِيلُ بِذلك فَقَالَت فِرْقَةٌ : هُو اسْمُ امْرَأةٍ ، وقِيلَ : اسْمُ مَوْضِعٍ سُمِّيَ بِهِ القَبِيلُ ، وقَالَ الجُمْهُورُ : هُوَ اسْمُ رَجُلٍ ، هُو أَبُو القَبِيلُ ، كُلِّه ، وفِيهِ حَدِيثُ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ المتقدّمُ في «سُورة النَّمْلِ » ؛ خَرَّجَهُ التِّرْمِذيُّ ، و{ آيَةٌ } : معناه : عِبْرَةٌ وَعَلاَمَةٌ عَلَى فَضْلِ اللّهِ وقُدْرَتِه ، و{ جَنَّتَانِ } : مبتدَأٌ وَخَبَرُه : { عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ } ، أو خَبَرَ مُبْتَدَأ مَحْذُوفٍ تَقْدِيره : هي جنتان ، وقيل : { جَنَّتَانِ } بَدَلٌ مِن { آيَةٌ } وَضُعِّفَ ، ورُوِي فِي قُصَصِهِمْ أَنَّهُ كَانَ فِي نَاحِيَةِ اليَمَنِ وَادٍ عَظِيمٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ ، وَكَانَتْ جَنَبَتَا الوادِي فَوَاكِهَ وزُرُوعاً ، وكان قد بُنِيَ فِي رَأْسِ الوادِي عِنْدَ أَوَّلِ الجَبَلَينِ ؛ جِسْرٌ عَظِيمٌ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ الجَبَلِ إلَى الجَبَلِ ، فَاحْتَبَسَ الماءُ فِيهِ ، وصَارَ بُحَيْرَةً عَظِيمَةً ، وَأُخِذَ المَاءُ من جَنَبَتَيْهَا فَمَشَى مُرْتَفِعاً يَسْقِى جَنَّاتٍ كَثِيرَةٍ جَنَبتَي الوادِي ، قِيلَ : بَنَتْهُ بلقيس ، وَقِيلَ بَنَاهُ حِمْيَرُ أَبُو القَبَائِلِ اليَمَانِيَّةِ كُلِّهَا ، وكانُوا بهذهِ الحالِ فِي أرْغَدِ عَيْشِ ، وَكَانَتْ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ قُرٍى ظَاهِرَةٌ مُتَّصِلَة من اليَمَنِ إلَى الشَّامِ ، وَكَانُوا أَرْبَابَ تِلْكَ البِلاَدِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ .
( ت ) : وَقَوْلُ ( ع ) : وَكَانَ قَدْ بُنِيَ فِي رَأْسِ الوَادِي عِنْدَ أَوَّلِ الجبلين صوابُه وَكَانَ قَدْ بُنِيَ فِي أَسْفَلِ الوَادِي عِنْدَ آخِرِ الجَبَلَينِ ، و{ كُلُوا } : فيه حذفٌ مَعْنَاهُ : قيل لَهُم : كُلُوا ، و{ طَيِّبَةٌ } معناه : كريمةُ التُّربةِ حَسَنةُ الهَواءِ ، ورُوِيَ أَنَّ هذهِ المقَالة ؛ مِن الأَمْرِ بالأَكْلِ وَالشُّكْرِ وَالتَّوْقِيفِ عَلى طِيبِ البَلْدَةِ وغُفْرَانِ الرَّبِّ مَعَ الإيمَانِ بِهِ ؛ هي من قول الأَنْبِياء لَهُمْ ، وبُعِثَ إليهم فِيمَا رُوِيَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ نَبِيّاً فَكَفَرُوا بِهِم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.