الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ} (15)

أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال : «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم ؟ فأذن لي في قتالهم وأمرني ، فلما خرجت من عنده ، أرسل في أثري ، فردني فقال " ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ، ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك ، وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل : يا رسول الله وما سبأ ، أرض أم امرأة ؟ قال : ليس بأرض ، ولا امرأة ، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب ، فَتَيَامَنَ منهم ستة ، وتشاءَمَ منهم أربعة ، فأما الذين تشاءموا فلخم ، وجذام ، وغسان ، وعاملة . وأما الذين تيامنوا فالازد ، والاشعريون ، وحمير ، وكندة ، ومذحج ، وأنمار . فقال رجل : يا رسول الله وما أنمار ؟ قال : الذين منهم خثعم ، وبجيلة " .

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي حاتم وابن عدي والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما « أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبأ أرجل هو ، أو امرأة ، أم أرض ؟ فقال : بل هو رجل ولد عشرة ، فسكن اليمن منهم ستة ، وبالشام منهم أربعة ، فأما اليمانيون فمذحج ، وكندة ، والأزد ، والأشعريون ، وأنمار ، وحِمْيَر . وأما الشاميون فلخم ، وجذام ، وعاملة ، وغسان » .

وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ { لقد كان لسبإ في مساكنهم } .

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ « لقد كان لسبإ » بالخفض منونة مهموزة " في مساكنهم " على الجماع بالألف .

وأخرج الفريابي عن يحيى بن وثاب أنه يقرأها { لقد كان لسبإ في مساكنهم } .

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان لسبأ جنتان بين جبلين ، فكانت المرأة تمر ومكتلها على رأسها ، فتمشي بين جبلين ، فتمتلئ فاكهة وما مسته بيدها ، فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها : الجرذ ، فنقب عليهم ، فغرقهم ، فما بقي منهم إلا أثل ، وشيء من سدر قليل .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله { لقد كان لسبإٍ في مساكنهم . . . } . قال لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط ، ولا ذباب ، ولا برغوث ، ولا عقرب ، ولا حية ، وإن الركب ليأتون في ثيابهم القمل والدواب ، فما هو إلا أن ينظروا إلى بيوتها ، فتموت تلك الدواب ، وإن كان الإِنسان ليدخل الجنتين ، فيمسك القفة على رأسه ، ويخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفة من أنواع الفاكهة ، ولم يتناول منها شيئاً بيده .

15