{ زينا السماء الدنيا بمصابيح } بكواكب مضيئة كإضاءة الصبح ، ليست كمصابيحكم التي تعرفونها . { وجعلناها رجوما للشياطين } أي جعلنا منها مراجم للشياطين بانقضاض الشهب المنبعثة عنها على مسترق السمع منهم ، جمع رجم ، وهو في الأصل مصدر رجمه رجما – من باب نصر - : إذا رماه بالرجام أي الحجارة ؛ سمي به ما يرجم به . { وأعتدنا لهم عذاب السعير } عذاب النار المشتعلة في الآخرة ، بعد الرجم في الدنيا بالشهب . يقال : سعر النار – كمنع – ألهبها ؛ كسعرها وأسعرها ، فهي مسعورة وسعير .
بمصابيح : بنجوم كأنها مصابيح تضيء .
رجوما : مفردها رَجْم وهو كل ما يرمى به .
ثم بعدَ أن بيّن أن هذه السمواتِ وهذا الكونَ كلّه وُجد على نظامٍ دقيق متقَن ، وهو مع ذلك الغايةُ في الحسن والجمال والبهاء قال :
{ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السعير } .
إن هذه السماء القريبة منّا والتي نراها ، مزينةٌ بهذه النجوم المضيئة والكواكب بهجةً للناظرين ، وهدىً للسارِين والمسافرين في البر والبحر ، والشهُبُ التي نراها متناثرةً في الليل رُجومٌ للشياطين ، وقد أعدَدْنا لهم في الآخرةِ عذابَ النار .
قوله تعالى : " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح " جمع مصباح وهو السراج . وتسمى الكواكب مصابيح لإضاءتها . " وجعلناها رجوما للشياطين " أي جعلنا شهبها ، فحذف المضاف . دليله " إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب{[15188]} " [ الصافات : 10 ] . وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها . وقيل : إن الضمير راجع إلى المصابيح على أن الرجم من أنفس الكواكب ، ولا يسقط الكوكب نفسه إنما ينفصل منه شيء يرجم به من غير أن ينقص ضوءه ولا صورته . قال أبو علي جوابا لمن قال : كيف تكون زينة وهي رجوم لا تبقى . قال المهدوي : وهذا على أن يكون الاستراق من موضع الكواكب . والتقدير الأول على أن يكون الاستراق من الهوى الذي هو دون موضع الكواكب . القشيري : وأمثل من قول أبي علي أن نقول : هي زينة قبل أن يرجم بها الشياطين . والرجوم جمع رجم ، وهو مصدر سمي به ما يرجم به . قال قتادة : خلق الله تعالى النجوم لثلاث : زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر والأوقات . فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به ، وتعدى وظلم . وقال محمد بن كعب : والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم ، ولكنهم يتخذون الكهانة سبيلا{[15189]} ويتخذون النجوم علة . " وأعتدنا لهم عذاب السعير " أي أعتدنا للشياطين أشد الحريق ، يقال : سعرت النار فهي مسعورة وسعير ، مثل مقتولة وقتيل .
{ ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } السماء الدنيا هي القريبة منا ، والمصابيح يراد بها النجوم ، فإن كانت النجوم كلها في السماء الدنيا فلا إشكال ، وإن كانت في غيرها من السموات فقد زينت السماء الدنيا ، لأنها ظاهرة فيها لنا ، ويحتمل أن يريد أنه زين السماء الدنيا بالنجوم التي فيها دون التي في غيرها ، على أن القول بموضع الكواكب وفي أي سماء هي لم يرد في الشريعة . { وجعلناها رجوما للشياطين } أي : جعلنا منها رجوما ، لأن الكواكب الثابتة ليست ترجم الشياطين ، فهو كقولك : أكرمت بني فلان إذا أكرمت بعضهم . والرجوم جمع رجم وهو مصدر سمي به ما يرجم به ، قال الزمخشري : معنى كون النجوم رجوما للشياطين والشهب تنقض من النجوم لرجم الشياطين الذين يسترقون السمع من السماء ، فالشهب الراجمة منفصلة من نار الكواكب ، لا أن الراجمة هي الكواكب أنفسها ، لأنها ثابتة في الفلك . قال قتادة : خلق الله النجوم لثلاثة أشياء زينة السماء ، ورجوم الشياطين ، ويهتدي بها في ظلمات البر والبحر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.