صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

{ ولله ميراث السموات والأرض } أي يرث كل شيء فيهما ، ولا يبقى لأحد مال ولا ملك . والجملة حال من فاعل " لا تنفقوا " . أو من مفعوله المعلوم مما تقدم .

{ لا يستوي منكم من أنفق . . . } هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

الفتح : فتح مكة .

ثم زاد في التأكيد على الإنفاق أن الجميع صائر إليه ، وأن الإنسانَ لا يأخذُ معه شيئا مما يجمعُه إلا العملَ الصالحَ والإنفاقَ في سبيل الله فقال :

{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السماوات والأرض } .

مالكم أيها الناس ، لا تنفقون مما رزقكم الله في سبيله ؟ أنفِقوا أموالكم في سبيل الله قبل أن تموتوا ، ليكونَ ذلك ذُخراً لكم عند ربكم . فأنتم بعد الموت لا تقدِرون على ذلك ، إذ تصير الأموال ميراثاً لمن له السمواتُ والأرضُ فهو الذي يرث كل ما فيهما .

ثم بيّن تفاوت درجات المنفقين فقال :

{ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفتح وَقَاتَلَ أولئك أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الذين أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى } .

لا يستوي في الدرجة والأجرِ ذلك المؤمن الذي أنفق قبلَ فتح مكة وقاتَلَ ( لأن المسلمين كانوا في ضيق وجُهد وحاجة إلى من يسانِدهم ، ويقويهم ) فهؤلاء المنفِقون والمقاتلون قبل فتحِ مكةَ أعظمُ درجةً عند الله من الذين أنفقوا بعد الفتح وقاتلوا . وقد وعدَ الله الجميعَ المثوبةَ الحسنى ، { والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فيجازي كلاًّ بما يستحق .

قراءات :

قرأ ابن عامر : وكلٌّ وعدَ الله الحسنى برفع كل . والباقون : وكُلاً بالنصب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

{ 10 } { وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض }

أي : وما الذي يمنعكم من النفقة في سبيل الله ، وهي طرق الخير كلها ، ويوجب لكم أن تبخلوا ، { و } الحال أنه ليس لكم شيء ، بل { لله مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } فجميع الأموال ستنتقل من أيديكم أو تنقلون عنها ، ثم يعود الملك إلى مالكه تبارك وتعالى ، فاغتنموا الإنفاق ما دامت الأموال في أيديكم ، وانتهزوا الفرصة ، ثم ذكر تعالى تفاضل الأعمال بحسب الأحوال والحكمة الإلهية ، فقال : { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا } المراد بالفتح هنا هو فتح الحديبية ، حين جرى من الصلح بين الرسول وبين قريش مما هو أعظم الفتوحات التي حصل بها نشر الإسلام ، واختلاط المسلمين بالكافرين ، والدعوة إلى الدين من غير معارض ، فدخل الناس من ذلك الوقت في دين الله أفواجا ، واعتز الإسلام عزا عظيما ، وكان المسلمون قبل هذا الفتح لا يقدرون على الدعوة إلى الدين في غير البقعة التي أسلم أهلها ، كالمدينة وتوابعها ، وكان من أسلم من أهل مكة وغيرها من ديار المشركين يؤذى ويخاف ، فلذلك كان من أسلم قبل الفتح وأنفق وقاتل ، أعظم درجة وأجرا وثوابا ممن لم يسلم ويقاتل وينفق إلا بعد ذلك ، كما هو مقتضى الحكمة ، ولذلك كان السابقون وفضلاء الصحابة ، غالبهم أسلم قبل الفتح ، ولما كان التفضيل بين الأمور قد يتوهم منه نقص وقدح في المفضول ، احترز تعالى من هذا بقوله : { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } أي : الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده ، كلهم وعده الله الجنة ، وهذا يدل على فضل الصحابة [ كلهم ] ، رضي الله عنهم ، حيث شهد الله لهم بالإيمان ، ووعدهم الجنة ، { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فيجازي كلا منكم على ما يعلمه من عمله .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

{ وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض } أي أي شيء لكم في ترك الانفاق في طاعة الله وأنتم ميتون تاركون أموالكم ثم بين فضل السابقين في الانفاق والجهاد فقال { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح } يعني فتح مكة { وقاتل } جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداء الله { أولئك أعظم درجة } يعني عند الله { من الذين أنفقوا من بعد } الفتح { وقاتلوا وكلا } من الفريقين { وعد الله الحسنى } الجنة

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

ولما أمرهم بالإيمان والإنفاق ، وكان{[62412]} الإيمان مع كونه الأساس الذي لا يصح عمل بدونه ليس فيه{[62413]} شيء من خسران أو نقصان ، فبدأ به لذلك ، ورغب بختم الآية بالإشارة بالرأفة{[62414]} إلى أن من{[62415]} توصل إليه بشيء من الإيمان أو غيره زاده من فضله " من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً - إلى قوله : ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " عطف عليه الترغيب في التوصل إليه{[62416]} بالإنفاق منكراً على من تركه موبخاً لمن حاد عنه{[62417]} هو يعلم أنه فان ، مفهماً بزيادة " أن " المصدرية اللوم على تركه في جميع الأزمنة الثلاثة فقال : { وما } أي وأيّ شيء يحصل { لكم } في { ألا تنفقوا } أي توجدوا الإخراج للمال { في سبيل الله } أي في كل ما يرضي الملك الأعظم الذي له صفات الكمال لتكون لكم به وصلة فيخصكم بالرأفة التي هي أعظم الرحمة ، فإنه ما بخل به{[62418]} أحد عن وجه خير إلا سلط الله عليه غرامة في وجه شر ، وأظهر موضع الإضمار في جملة حالية باعثاً على الإنفاق بأبلغ بعث{[62419]} فقال : { ولله } تأكيداً للعظمة بالندب إلى ذلك باستحضار جميع صفات الكمال لا سيما صفة الإرث المقتضية للزهد في الموروث { ميراث } أي{[62420]} الإرث {[62421]}والموروث{[62422]} والموروث عنه وغير ذلك { السماوات والأرض } جميعاً لا شيء فيهما أو منهما إلا هو كذلك يزول عن المنتفع به ويبقى لله بقاء الإرث{[62423]} ، ومن تأمل أنه زائل هو وكل ما في يده والموت من ورائه ، ويد طوارق الحوادث مطبقة به ، وعما قليل ينقل ما في يده إلى غيره هان عليه الجود بنفسه وماله .

ولما رغبهم في الإنفاق على الإطلاق ، رغبهم في المبادرة إليه ، مادحاً أهله خاصاً منهم أهل السياق فقال : { لا يستوي } . ولما كان المراد أهل الإسلام بين بقوله : { منكم من أنفق } أي أوجد الإنفاق في ماله وجميع قواه وما يقدر عليه . ولما كان المقصود الإنفاق في زمان الإيمان لا مطلق الزمان ، خص بالجارّ فقال : { من قبل الفتح } أي الذي هو فتح جميع الدنيا في الحقيقة وهو فتح مكة الذي كان سبباً لظهور{[62424]} الدين على الدين{[62425]} كله لما نال المنفق إذ ذاك بالإنفاق من كثرة المشاق لضيق المال حينئذ ، وذلك مستلزم لكون المنفق أنفذ بصيرة ونفقته أعظم غنّى وأشد نفعاً ، وفيه دليل على فضل أبي بكر رضي الله عنه فإنه أول من أنفق ولم يسبقه في ذلك أحد ، وفيه نزلت الآية - كما حكاه البغوي{[62426]} عن الكلبي .

ولما كان المراد بالإيمان خدمة الرحمة ، وكان الإنفاق وإن كان مصدقاً للإيمان لا يكمل تصديقه إلا ببذل النفس قال : { وقاتل } أي سعياً في إنفاق نفسه لمن آمن به ، وحذف المنفي للتسوية به وهو من{[62427]} لم ينفق مطلقاً أو بقيد القبلية لدلالة ما بعده ، ولعله أفرد الضمير إشارة إلى قلة السابقين .

ولما كان نفي المساواة لا يعرف منها الفاضل من غيره ، وقد كان حذف قسيم من أنفق لوضوحه والتنفير منه ودلالة ما بعده عليه ، نفى اللبس بقوله : { أولئك } أي المنفقون المقاتلون وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، {[62428]}المقربون من أهل الرتبة العلية لمبادرتهم إلى الجود بالنفس والمال { أعظم درجة } وبعظم الدرجة يكون عظم صاحبها { من الذين أنفقوا } ولما كان المراد التفضيل على أوجد الإنفاق والقتال في زمان بعد ذلك ، لا على من استغرق كل زمان بعده بالإنفاق والقتال{[62429]} أدخل الجار فقال : { من بعد وقاتلوا } ولما كان التفضيل مفهماً اشتراك الكل في الفضل ، صرح به ترغيباً في الإنفاق على كل حال فقال : { وكلاًّ } أي من القسمين { وعد الله } أي{[62430]} الذي له الجلال والكمال والإكرام { الحسنى } أي الدرجة التي هي غاية الحسن وإن كانت في نفسها متفاوتة ، وقرأ ابن عامر{[62431]} { وكل } وهو أوفق لما عطف عليه .

ولما كان زكاء الأعمال إنما هو بالنيات ، وكان التفضيل مناط العلم ، قال {[62432]}مرغباً في{[62433]} إحسان النيات مرهباً{[62434]} من{[62435]} التقصير فيها : { والله } أي الذي له الإحاطة الشاملة بجميع صفات الكمال ، وقدم الجار إعلاماً بمزيد اعتناء بالتمييز عند التفضيل فقال : { بما تعملون } أي تجددون عمله على مر الأوقات { خبير * } أي عالم بباطنه وظاهره علماً لا مزيد عليه بوجه ، فهو يجعل جزاء الأعمال على{[62436]} قدر النيات التي هي أرواح صورها .


[62412]:- من ظ، وفي الأصل: كون.
[62413]:- من ظ، وفي الأصل: فيها.
[62414]:- من ظ، وفي الأصل: إلى الرافه.
[62415]:- زيد من ظ.
[62416]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل: قبل "بشيء من الإيمان" س 1.
[62417]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل: قبل "بشيء من الإيمان" س 1.
[62418]:- زيد من ظ.
[62419]:- من ظ، وفي الأصل: نعت.
[62420]:- زيد من ظ.
[62421]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62422]:-سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62423]:- من ظ، وفي الأصل: الأرض.
[62424]:- من ظ، وفي الأصل: في ظهور.
[62425]:- زيد من ظ.
[62426]:- راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 7/ 27.
[62427]:- من ظ، وفي الأصل: في ظهور.
[62428]:- زيدت الواو في الأصل: ولم تكن في ظ فحذفناها.
[62429]:- زيد من ظ.
[62430]:- زيد من ظ.
[62431]:- راجع نثر المرجان 7/ 205.
[62432]:- من ظ، وفي الأصل: ابن عباس.
[62433]:- من ظ، وفي الأصل: ابن عباس.
[62434]:- من ظ، وفي الأصل: في.
[62435]:- من ظ، وفي الأصل: ممر.
[62436]:- من ظ، وفي الأصل: لا.