الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح } يقول : من أسلم { وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا } يعني أسلموا يقول ليس من هاجر كمن لم يهاجر { وكلاً وعد الله الحسنى } قال : الجنة .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح } الآية . قال : كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر ، وكانت نفقتان إحداهما أفضل من الأخرى ، قال : كانت النفقة والقتال قبل الفتح فتح مكة أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك { وكلاً وعد الله الحسنى } قال : الجنة .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : لما نزلت هذه الآية { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } قال أبو الدحداح : والله لأنفقن اليوم نفقة أدرك بها من قبلي ولا يسبقني بها أحد بعدي ، فقال : اللهم كل شيء يملكه أبو الدحداح فإن نصفه لله حتى بلغ فرد نعله ثم قال : وهذا .

وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يأتيكم قوم من ههنا ، وأشار بيده إلى اليمن ، تحقرون أعمالكم عند أعمالهم ، قالوا : فنحن خير أم هم ؟ قال : بل أنتم ، فلو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك أحدكم ولا نصيفه فصلت هذه الآية بيننا وبين الناس { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا } » .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية إذا كان بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم ، قلنا : من هم يا رسول الله أقريش ؟ قال : لا ، ولكنهم أهل اليمن ، هم أرق أفئدة وألين قلوباً ، فقلنا : أهم خير منا يا رسول الله ؟ قال : لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه إلا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } الآية » .

وأخرج أحمد عن أنس قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام ، فقال خالد لعبد الرحمن بن عوف : تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهباً ما بلغتم أعمالهم » .

وأخرج أحمد عن يوسف بن عبدالله بن سلام قال : «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنحن خير أم من بعدنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أنفق أحدهم أحداً ذهباً ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه » .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره .