التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

قوله تعالى{ وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكل وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير }

قال ابن كثير : ولما أمرهم أولا بالإيمان والإنفاق ، ثم حثهم على الإيمان ، وبين لهم أنه قد أنزل عنهم موانعه حثهم أيضا على الإنفاق فقال : { وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض } أي : أنفقوا ولا تخشوا فقرا وإقلالا ، فإن الذين أنفقتم في سبيله هو مالك السموات والأرض ، وبيده مقاليدهما ، وعنده خزائنهما ، وهو مالك العرش بما حوى ، وهو القائل : { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } وقال{ ما عندكم ينفذ وما عند الله باق } .

قوله تعالى{ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل }

قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير . قالا : حدثنا عبد الله ابن إدريس ، عن ربيعة بن عثمان ، عن محمد بن يحيى بن حبّان ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، احْرصْ على ما ينفعك واستعن بالله ، ولا تعجز ، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدرا الله ، وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " .

( صحيح مسلم4/2052-ك القدر ، ب في الأمر بالقوة وترك العجز ، والاستعانة بالله ، وتفويض المقادير لله ) .

قوله تعالى{ وكلا وعد الله الحسنى }

قال ابن كثير : وقوله{ وكلا وعد الله الحسنى } يعني : المنفقين قبل الفتح وبعده ، كلهم لهم ثواب على ما عملوا ، وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء كما قال : { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما } . . . ثم ذكر الحديث السابق عن أبي هريرة .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ، في قوله{ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } قال : آمن فأنفق ، يقول : من هاجر ليس كمن لم يهاجر .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ، قوله{ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى } قال : كان قتالان ، أحدهما أفضل من الآخر ، وكانت نفقتان إحداهما أفضل من الأخرى ، كانت النفقة والقتال من قبل الفتح { فتح مكة }أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد{ من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى } قال : الجنة .