الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (10)

{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ } في أن لا تنفقوا { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السماوات والأرض } يرث كل شيء فيهما لا يبقى منه باق لأحد من مال وغيره ، يعني : وأيّ غرض لكم في ترك الإنفاق في سبيل الله والجهاد مع رسوله والله مهلككم فوارث أموالكم ، وهو من أبلغ البعث على الإنفاق في سبيل الله . ثم بين التفاوت بين المنفقين منهم فقال : { لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ } قبل فتح مكة قبل عز الإسلام وقوّة أهله ودخول الناس في دين الله أفواجاً وقلة الحاجة إلى القتال والنفقة فيه ، ومن أنفق من بعد الفتح فحذف لوضوح الدلالة { أولئك } الذي أنفقوا قبل الفتح وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : " لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه " أعظم درجة وقرىء : «قبل الفتح » { وَكُلاًّ } وكل واحد من الفريقين { وَعَدَ الله الحسنى } أي المثوبة الحسنى وهي الجنة مع تفاوت الدرجات . وقرىء : بالرفع على «وكل وعده الله » وقيل : نزلت في أبي بكر رضي الله عنه ، لأنه أول من أسلم وأول من أنفق في سبيل الله .