صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ} (57)

{ ولما ضرب ابن مريم مثلا } روي أن عبد الله بن الزبعرى قبل إسلامه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وقد سمعه يقرأ " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " {[315]} : أليس النصارى يعبدون المسيح ، وأنت تقول كان نبيا ! فإن كان في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه ؟ فضحك كفار قريش ، وارتفعت أصواتهم ؛ وذلك قوله تعال : { إذا قومك منه يصدون } . وقرئ

بضم الصاد ، ومعناهما : يضجون ويصيحون فرحا . يقال : صد يصد ويصد ، ضج .


[315]:آية 98 الأنبياء.
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ} (57)

يصدّون : يصيحون ويضجّون .

لقد جادل مشركو قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم جدلا كثيرا ، من ذلك أن الرسول الكريم لما تلا عليهم : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] قال له عبدُ الله بن الزِبِعْرَي - وهو من شعراء قريش وقد أَسلمَ وحسُنَ إسلامه فيما بعد- : أليس النصارى يعبدون المسيح وأنتَ تقول كان عيسى نبياً صالحاً ، فإن كان في النار فقد رضينا . فأنزل الله تعالى بعد ذلك : { إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى أولئك عَنْهَا مُبْعَدُونَ } [ الأنبياء : 101 ] .

وجادلوه بعد ذلك كثيرا ، ولذلك يقول الله تعالى :

{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ }

لما بين الله وَصْفَ عيسى الحقَّ من أنه عبدٌ مخلوق ، وعبادتُه كفرٌ ، إذا قومك أيها النبي يُعرِضون عن كل هذا .

قراءات :

قرأ الكسائي ونافع وابن عامر : يصُدون بضم الصاد . والباقون : بكسرها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ} (57)

{ ولما ضرب ابن مريم مثلا } نزلت هذه الآية حين خاصمه الكفار لما نزل قوله تعالى { إنكم وما تعبدون من دون الله } الآية فقالوا رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى فجعلوا عيسى عليه السلام مثلا لآلهتهم فقال الله تعالى { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } أي يضجون وذلك أن المسلمين ضجوا من هذا حتى نزل قوله تعالى { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ} (57)

فقد جعل الله عيسى عليه الصلاة والسلام مثلاً لتمام قدرته على اختراع الأشياء بأسباب وبغير أسباب ، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأزهدهم وأقربهم إلى الخير وأبعدهم عن الشر ، فاقتدى به من أراد الله به الخير في مثل ذلك فاهتدى به ، وضل به آخرون وضربوا به لأنفسهم أمثال الآلهة ، وصاروا يفرحون بما لا يرضاه عاقل ولا يراه ، وضربه قومك مثلاً لآلهتهم لما أخبرنا أنهم معهم حصب جهنم وسروا بذلك وطربوا وظنوا أنهم فازوا وغلبوا : { ولما ضرب ابن مريم } أي ضربه ضارب منهم { مثلاً } لآلهتهم { إذا قومك } أي الذين أعطيناهم قدرة على القيام بما يحاولونه { منه } أي ذلك المثل { يصدون } أي يضجون ويعلون أصواتهم سروراً بأنهم ظفروا على زعمهم بتناقض ، فيعرضون به عن إجابة دعائك ، يقال : صد عنه صدوداً : أعرض ، وصد يصد ويصل : ضج - قاله في القاموس ، فلذلك قال ابن الجوزي : معناهما جميعاً - أي قراءة ضم الصاد وقراءة كسرها - يضجون ، ويجوز أن يكون معنى المضمومة : يعرضون ، قال ابن برجان : والكسر أعلى القراءتين - انتهى .