صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وآياتها أربع .

بسم الله الرحمان الرحيم

لإيلاف قريش ( 1 ) إلافهم رحلة الشتاء والصيف ( 2 ) فليعبدوا رب هذا البيت ( 3 ) الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ( 4 )

{ لإيلاف قريش } كانت لقريش بمكة رحلتان للامتيار والاتجار كل عام : رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى بصرى بالشام . وكانوا فيهما آمنين ؛ إذ كانوا أهل حرم الله ، وولاة بيته المعظم ، فلا يتعرض لهم فيهما أحد بسوء ، والناس بين متخطف ومنهوب . فذكرهم بهذه النعمة ليخلصوا له العبادة . ونبههم إلى أنه تعالى هو رب هذا البيت المعظم الذي يعتزون به ؛ وبسببه نالوا الشرف والرفعة والأمن والخير . وإيلاف : مصدر آلفت فلانا الشيء ، إذا ألزمته إياه . وهو هنا مضاف لمفعوله ، والفاعل هو الله تعالى . و " رحلة " مفعول ثان ، وهي بالكسر اسم مصدر ؛ من ارتحل بمعنى الارتحال أي الانتقام . و " إيلافهم " بدل من ل " إيلاف " . واللام في " لإيلاف " للتعليل ، والجار والمجرور متعلق بقوله : " فليعبدوا " . وزيدت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط ؛ إذ المعنى الشرط ؛ إذا المعنى : أن نعم الله على قريش لا تحصى ؛ فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لأجل إيلافه إياهم الرحلتين ، أي جعله تعالى لهم آلفين لهما مسترزقين بهما ؛ فإنهما أظهر نعمه تعالى عليهم . وقريش : هم ولد النضر بن كنانة على الأصح . والنضر هو الأب الثالث عشر للنبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : هم ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، واسمه قريش ، وفهر لقبه ، وكنيته أبو غالب .