مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وهي أربع آيات .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ لإيلاف قُرَيْشٍ } متعلق بقوله { فَلْيَعْبُدُواْ } ، أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين . ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط . أي إن نعم الله عليهم لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة ، أو بما قبله ، أي { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ لإيلاف قُرَيْشٍ } يعني أن ذلك الإيلاف لهذا الإيلاف ، وهذا كالتضمين في الشعر ، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقاً لا يصح إلا به ، وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة بلا فصل . ويروى عن الكسائي ترك التسمية بينهما ، والمعنى أنه أهلك الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك فيحترموهم فضل احترام حتى ينتظم لهم الأمن في رحلتيهم ، فلا يجترىء أحد عليهم . وقيل : المعنى اعجبوا لإيلاف قريش { لإِلاف قُرَيْشٍ } شامي ، أي لمؤالفة قريش . وقيل : يقال : ألفته ألفاً وإلافاً . وقريش ولد النضر بن كنانة ، سموه بتصغير القرش ، وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن ولا تطاق إلا بالنار ، والتصغير للتعظيم ، فسموه بذلك لشدتهم ومنعتهم تشبيهاً بها . وقيل : من القرش ، وهو الجمع والكسب ؛ لأنهم كانوا كسابين بتجاراتهم وضربهم في البلاد .