صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَيَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَيۡرَ مُسۡمَعٖ وَرَٰعِنَا لَيَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنٗا فِي ٱلدِّينِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِيلٗا} (46)

{ يحرفون الكلم عن مواضعه . . }يميلونه عن مواضعه ، ويجعلون مكانه غيره . أو يتأولونه على ما يشتهون ، من التحريف وهو التغيير . و منه قولهم : طاعون يحرف القلوب ، أي يميلها ويجعلها على حرف ، أي جانب وطرف . وأصله من الحرف ، يقال : حرف الشيء عن وجهه ، صرفه عنه .

{ واسمع غير مسمع }هي كلمة ذات وجهين ، تحتمل معنى : اسمع . مدعوا عليك بلا سمعت ، أو غير مسمع كلاما ترضاه . ومعنى : اسمع منا غير مسمع مكروها . كانوا يخاطبون بها النبي صلى الله عليه وسلم استهزاء به ، مضمرين إرادة المعنى الأول ، وهم مظهرون له إرادة المعنى الثاني . { وراعنا }وكذلك كانوا يخاطبونه صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة ، وهي محتملة معنى : راقبنا وانتظرنا نكلمك . ومعنى السب بالرعونة والحمق . أو تنقيصه بإرادة : راعي غنمنا ، مظهرين إرادة المعنى الأول ، وهم يضمرون الثاني( آية 104 البقرة ص 41 ) .

{ ليا بألسنتهم }فتلا بها وانحرافا ، يصرف الكلام عن جانب الخير إلى جانب الشر ، كما كانوا يحبونه بقولهم : السام عليكم ، يعنون به الموت ، وأصله : لويا ، من لوى الشيء- كرمى-إذا فتله . مفعول له أو حال ، أي لاوين .