تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَيَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَيۡرَ مُسۡمَعٖ وَرَٰعِنَا لَيَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنٗا فِي ٱلدِّينِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِيلٗا} (46)

الآية 46 وقوله تعالى : { من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه } وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه { وكفى بالله نصيرا } و { من الذين هادوا } على الاستئناف والابتداء خبر . وفي حرف غيره { من الذين هادوا } معناه ، والله أعلم { الم تر إلى الذين أوتوا نصيبا كمن الكتاب } { من الذين هادوا } لا ذكر للنصارى في ذلك . في حرف ابن مسعود رضي الله عنه ذكر النصارى في الأصل وفي { الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } في حرف حفصة رضي الله عنها { من الذين هادوا } من يحرف { الكلام عن مواضعه }

ثم تحريف الكلام يحتمل وجهين : يحتمل تغيير المعاني وتبديل التأويل على جهالهم كقوله تعالى : { وإن منهم لفريقا يلون ألسنتهم } الآية ( آل عمران 78 ) ويحتمل تغيير اللفظ والكتابة سبحانه وتعالى { فويل للذين يكتبون بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله } ( البقرة 79 ) .

وقوله تعالى : { ويقولون سمعنا وعصينا } قيل : { سمعنا } قولك { وعصينا } أمرك .

وقوله تعالى : { واسمع غير مسمع } قيل : اسمع قولنا { غير مسمع } أي غير مجيب . وقيل : { واسمع غير مسمع } لا سمعت على السب وقولهم{[5689]} { وعصينا } الإسراء منهم أظهره الله تعالى ليكون آية الرسالة .

وقوله تعالى : { وراعينا } قيل : { يقولون لمحمد صلى الله عليه وسلم { وراعينا } سمعك وقيل : { وراعيا } حقوقنا وهو من الرعاية .

وقوله تعالى : { ليا بألسنتهم } أي تحريفا والتحريف ما ذكرنا كقوله تعالى : { يلون ألسنتهم بالكتاب } الآية ( آل عمران 78 ) وقيل في قوله تعالى : { واسمع غير م سمع } أي اسمع يا محمد منا قولنا غير مسمع منك وقولك ، ولا مقبول ما نقول .

وقوله تعالى : { ولو أنهم قالوا سمعنا وانظرنا لكان خيرا لهم } أي لو قالوا : سمعنا قولك وأطعنا أمرك ، وانظرنا ، فلا تعجل علينا ، تنظر . . وقيل في قوله : { وانظرنا } أفهمنا .

وقوله تعالى : { لكان خيرا لهم } ( مما قالوا أي ) {[5690]} سمعنا قولك وعصينا أمرك لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فدوام الرئاسة التي خافوا فواتها لو أطاعوه ، واتبعوه آمن ( أي آمن لهم لو أطاعوه ) {[5691]} تنبيه فلم تذهب عنهم الرئاسة والذكر في الدنيا بل زادهم{[5692]} شرفا وذكرا في الحياة وبعد الممات . وأما في الآخرة فثواب دائم غير زائل أ بدا .

وقوله تعالى : { وأقوم } أي أعدل وأصوب لما ذكرنا { ولكن لعنهم الله بكفرهم } واللعن الطرد ، طردهم الله عز وجل من رحمته ودينه ملا عم منهم ( أنهم ) {[5693]} لا يؤمنون باختيارهم الكفر .

وقوله تعالى : { فلا يؤمنون إلا قليلا } قيل : والقليل من نحو ابن سلام وأصحابه {[5694]} ، وقيل : قوله تعالى : { فلا يؤمنون إلا قليلا } أي لا يؤمنون إلا بقليل من الكتب والأنبياء عليهم السلام كقوله تعالى : { نؤمن ببعض ونكفر ببعض }( النساء : 150 ) .


[5689]:في الأصل: وقولنا.
[5690]:في الأصل: مما قالوا في م: أي.
[5691]:في الأصل و م: إذ آمن منهم وأطاعوه.
[5692]:في الأصل و م: ازداد لهم.
[5693]:ساقطة من الأصل و م.
[5694]:أدرج بعدها في الأصل وم: وهم.