قوله تعالى : " من الذين هادوا " قال الزجاج : إن جعلت " من " متعلقة بما قبل فلا يوقف على قول " نصيرا " ، وإن جعلت منقطعة فيجوز الوقف على " نصيرا " والتقدير من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم ، ثم حذف . وهذا مذهب سيبويه ، وأنشد النحويون :
لو قلت ما في قومها لم تِيثَمِ{[4537]} *** يفضُلها في حسب ومَبْسِمِ
قالوا : المعنى لو قلت ما في قومها أحد يفضلها ، ثم حذف . وقال الفراء : المحذوف " من " المعنى : من الذين هادوا من يحرفون . وهذا كقوله تعالى : " وما منا إلا له مقام معلوم " {[4538]} [ الصافات : 164 ] أي من له . وقال ذو الرمة :
فظلوا ومنهم دمعه سابق{[4539]} له *** وآخر يُذْرِي{[4540]} عَبْرَةَ العين بالهَمْلِ
يريد ومنهم من دمعه ، فحذف الموصول . وأنكره المبرد والزجاج ؛ لأن حذف الموصول كحذف بعض الكلمة . " يحرفون " يتأولونه على غير تأويله . وذمهم الله تعالى بذلك لأنهم يفعلونه متعمدين . وقيل : " عن مواضعه " يعني صفة النبي صلى الله عليه وسلم . " ويقولون سمعنا وعصينا " أي سمعنا قولك وعصينا أمرك . " واسمع غير مسمع " قال ابن عباس : كانوا يقولون النبي صلى الله عليه وسلم : اسمع لا سمعت ، هذا مرادهم - لعنهم الله - وهم يظهرون أنهم يريدون اسمع غير مسمع مكروها ولا أذى . وقال الحسن ومجاهد : معناه غير مسمع منك ، أي مقبول ولا مجاب إلى ما تقول . قال النحاس : ولو كان كذلك لكان غير مسموع منك . وتقدم القول في " راعنا " {[4541]} . ومعنى " ليا بألسنتهم " أي يلوون ألسنتهم عن الحق أي يميلونها إلى ما في قلوبهم . وأصل اللي الفتل ، وهو نصب على المصدر ، وإن شئت كان مفعولا من أجله . وأصله لويا ثم أدغمت الواو في الياء . " وطعنا " معطوف عليه أي يطعنون في الدين ، أي يقولون لأصحابهم لو كان نبيا لدرى أننا نسبه ، فأظهر الله تعالى نبيه على ذلك فكان من علامات نبوته ، ونهاهم عن هذا القول . ومعنى " أقوم " أصوب لهم في الرأي . " فلا يؤمنون إلا قليلا " أي إلا إيمانا قليلا لا يستحقون به اسم الإيمان . وقيل : معناه لا يؤمنون إلا قليلا منهم ؛ وهذا بعيد لأنه عز وجل قد أخبر عنهم أنه لعنهم بكفرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.