قوله : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ( {[3978]} ) اجْعَلْ هَذَا بَلَداً امِناً ) [ 125 ] .
قيل : إِنَّ إِبراهيم صلى الله عليه وسلم سأل( {[3979]} ) الله أن يحرم مكة فحرمها( {[3980]} ) ، واحتج من قال ذلك بقول( {[3981]} ) النبي صلى الله عليه وسلم : " إنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ وإني عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ( {[3982]} ) وإِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ المَدِينَةَ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا( {[3983]} ) " ( {[3984]} ) .
وقال قائلون : " لَمْ تُحَرَّم بسؤال إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، بل كانت حراماً ، [ واحتجوا بقول النبي عليه السلام ]( {[3985]} ) يوم افتتح( {[3986]} ) مكة/ : " هَذِهِ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ : لَمْ تَحِلّ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِي ، وَلاَ تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي . . أُحِلَّتْ لِي سَاعَةَ مِنْ نَهَارٍ " ( {[3987]} ) . واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم ( رَبَّنَا إِنِّيَ أَسْكَنْتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ )( {[3988]} )( {[3989]} ) .
وكان الطبري يجمع بين الخبرين ، ويقول : " إن الله عز وجل حرّم مكة وقضى ذلك ، ولم يتعبد الخلق بذلك حتى سأله إبراهيم/ أن( {[3990]} ) يتعبد الخلق بذلك فأجابه . فإبراهيم كان سبب تعبد الخلق بتحريمها والتعبد بذلك( {[3991]} ) ، والله تعالى قد حرّمها يوم خلق السماوات والأرض " ( {[3992]} ) .
وقوله : ( عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ ) [ إبراهيم : 39 ] . معناه الذي حرمته عندك ، ولم تتعبد( {[3993]} ) الخلق به . وروي أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم/ لما دعا فقال : ( وَارْزُقْ اَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ) [ 125 ] أجاب الله عز وجل دعاءه : فبعث جبريل عليه السلام/ إلى الشام ، فاقتلع منها الطائف من موضع الأردن ثم طاف بها حول الكعبة أسبوعاً ، ولذلك سميت الطائف( {[3994]} ) . ثم أنزلها تهامة ولم يكن يومئذ بمكة غير إسماعيل صلى الله عليه وسلم ، ثم نزلت جرهم مع إسماعيل صلى الله عليه وسلم بمكة ، فلم يزالوا( {[3995]} ) على الإسلام حتى نشأ عمرو( {[3996]} ) بن( {[3997]} ) [ لحي الجرهمي فَغَيَّرَ ]( {[3998]} ) دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعَبَدَ الأصنام ، وسَيَّبَ السوائب ، وبَحَّرَ البحيرة وحَمَى الحامي ، وَوَصَلَ الوصيلة ، وغلب( {[3999]} ) مكة ، وقهر أهلها . وهم ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم – وهو [ الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ]( {[4000]} ) : رَأَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ يَجرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ " ( {[4001]} ) أي : أمعاءه .
قوله : ( قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ) [ 125 ] .
ذلك إخبار من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم قاله أبي بن كعب( {[4002]} ) . أي : أنا أرزق البر والفاجر فأمتع( {[4003]} ) الفاجر قليلاً .
وقال ابن عباس : " هو( {[4004]} ) من قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم سأل( {[4005]} ) ربه عز وجل أن يرزق من كفر فيمتعه قليلاً " ( {[4006]} ) .
ويجب على هذا التأويل وصل ألف " أَضْطَرُّهُ " ، وفتح ألفَ أُمتِّعُهُ " ( {[4007]} ) . ويجب أيضاً بناء الفعلين/ على السكون لأنه طلب كالأمر ، ولأنه ؟ ( {[4008]} ) سؤال من إبراهيم صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ، وإن كان الخبر من عند الله سبحانه كانت الألف في " أمتعه " ألف المتكلم ، وكذلك هي في " أضطره " ، ويرتفع الفعلان لأنهما إخبار عن( {[4009]} ) الله جل ذكره( {[4010]} ) .
ومعنى ( أَضْطَرُّهُ ) أكرهه وألجئه( {[4011]} ) إلى ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.