قوله تعالى : ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ ) [ 141 ] إلى قوله : ( لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) [ 142 ] .
أي : سيقول الجهّالن الناس وهم اليهود والمنافقون : ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ، أي : ما حملهم على [ ترك التوجه إلى بيت المقدس وما صرفهم( {[4409]} ) ] عن ذلك ، وذلك حين ترك النبي عليه السلام التوجه نحو بيت المقدس وتوجه إلى الكعبة .
وقيل : هم كفار أهل مكة أعلم الله تعالى( {[4410]} ) نبيه صلى الله عليه وسلم ما هم قائلون عند تحويل القبلة إلى الكعبة ، وأعلمه( {[4411]} ) ما يقول لهم وما يجاوبهم( {[4412]} ) به ، فقال : قل( {[4413]} ) يا محمد [ إذا قالوا ذلك( {[4414]} ) ] : ( لِلهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَّشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم( {[4415]} ) صلّى( {[4416]} ) نحو بيت المقدس سبعة عشر شهراً( {[4417]} ) ، وكان يتمنى( {[4418]} ) أن يصرف إلى الكعبة ثم أراد الله جل ذكره صرف قبلته إلى نحو المسجد الحرام فأخبره عما( {[4419]} ) سيقول( {[4420]} ) المنافقون واليهود وأخبره [ ما الذي( {[4421]} ) ] ينبغي أن يرد عليهم من الجواب . فلما رده الله تعالى إليها ، أتاه( {[4422]} ) نفر من اليهود فقالوا : " يا محمد ما ولاّك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت( {[4423]} ) تزعم أنك/على ملّة إبراهيم ودينه ، ارجع إلى قبلتك ونصدقك( {[4424]} ) " يريدون فتنته عن دينه( {[4425]} ) .
وقيل : إنه صلّى إلى بيت/المقدس ستة عشر شهراً ، ثم صرف إلى الكعبة قبل بدر بشهرين . قاله ابن المسيب( {[4426]} ) .
وكان أول صلاة صرف فيها إلى الكعبة العصر ، فلما صلاها إلى الكعبة خرج من عنده رجل ، فمرّ بقوم يصلون فقال : أشهد( {[4427]} ) ، لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مكة ، فداروا كما هم قِبَلَ البيت( {[4428]} ) .
وروى أنس بن( {[4429]} ) مالك " أن النبي [ عليه السلام( {[4430]} ) ] صلّى نحو بيت المقدس تسعة أشهر وعشرة أيام بعد هجرته . قال( {[4431]} ) : فبينما هو قائم يصلي الظهر بالمدينة وقد صلى ركعتين نحو بيت المقدس ، انصرف بوجهه إلى الكعبة فقال السفهاء : ( مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التِي كَانُوا عَلَيْهَا( {[4432]} ) ) .
وقال معاذ بن( {[4433]} ) جبل : " صلّى نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهراً( {[4434]} ) " .
وروي/عن الحسن وعكرمة أنهما قالا : " صلّى النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته نحو بيت المقدس اختياراً منه من غير أن يفرض ذلك عليه طمعاً من أن يستميل اليهود إذ هي قبلتهم ، فأنزل الله عز وجل : ( وَلِلهِ( {[4435]} ) المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ )( {[4436]} )( {[4437]} ) " .
وقال أبو العالية : " ان [ نبي الله عليه السلام( {[4438]} ) ] خُيِّر أن يُوجِّه وجهه حيث يشاء ، فاختار( {[4439]} ) بيت المقدس لكي يتألف أهل الكتابين( {[4440]} ) [ وهو في ذلك يقلب وجهه في السماء ، ثم وجّهه الله عز وجل إلى البيت( {[4441]} ) ] الحرام( {[4442]} ) " .
وروي أنه صرف في رجب بعد مقدمه المدينة لسبعة( {[4443]} ) عشر شهراً وكان بمكة والمدينة يصلي نحو بيت المقدس . فلما رجع سأله اليهود أن يرجع إلى قبلتهم يريدون فتنته ، وقال كفار مكة : قد برد/أمر محمد وهو راجع إلى دينكم عاجلاً . فأنزل الله في الجميع : ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ ) ، الآيات( {[4444]} ) إلى قوله : ( وَهُمْ يَعْلَمُونَ )( {[4445]} ) . وروي " أن الأنصار( {[4446]} ) صلّت قبل قدوم النبي عليه السلام إلى المدينة نحو بيت المقدس حولين . فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صلّى معهم نحو بيت المقدس بضعة عشر شهراً ، ثم نقله الله عز وجل إلى الكعبة( {[4447]} ) .
وقال ابن عباس : " لما هاجر( {[4448]} ) [ النبي عليه السلام إلى المدينة وكان أكثر أهلها( {[4449]} ) ] اليهود ، أمره الله عز وجل أن( {[4450]} ) يستقبل بيت المقدس ، ففرحت( {[4451]} ) اليهود ، فاستقبلها بضعة عشر شهراً . وكان صلى الله عليه وسلم يحب( {[4452]} ) قبلة إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، وكان يدعو وينظر إلى السماء ، فأنزل الله جلّ ذكره : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) الآية . ورجع النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى الكعبة فارتاب [ من ذلك اليهود( {[4453]} ) ] . وقالوا : ( مَا وَلاّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التِي كَانُوا عَلَيْهَا ) ، فأنزل الله عز وجل : ( قُلْ لِلهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَّشَاءُ ) الآية( {[4454]} ) .
وقال ابن جريج : / كان النبي عليه السلام يصلي إلى الكعبة ، ثم صرف إلى بيت المقدس ، وصلّت الأنصار( {[4455]} ) نحو بيت المقدس قبل قدومه المدينة بثلاث سنين ، وصلّى بعد قدومه ستة عشر شهراً ، ثم صرف إلى الكعبة( {[4456]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.