ثم قال تعالى( {[4730]} ) : ( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ) [ 147 ] .
" هو " يرجع إلى " كُلٍّ " . والهاء في " مُوَلِّيهَا " ترجع إلى القبلة( {[4731]} ) . وقيل : " هُوَ " يرجع إلى الله جل ذكره( {[4732]} ) .
فأما من قرأ " هو مُوَلاَّها " ( {[4733]} ) ، فهو يرجع إلى " كُلٍّ " لا غير .
قال مجاهد : " معناه( {[4734]} ) : ولكل صاحب( {[4735]} ) ملة قبلة " ( {[4736]} ) . يعني لليهود قبلة وللنصارى قبلة .
قال ابن عباس : " يعني بذلك أهل الأديان ؛ لكل أهل دين قبلة يرضونها . ووجهة( {[4737]} ) الله عز وجل حيث توجه المؤمنون " ( {[4738]} ) .
وقال الضحاك : " معناه ولكل صاحب ملة قبلة ، وصاحب القبلة يولِّيها وجهه " ( {[4739]} ) .
وقال السدي : " المعنى ولكل قوم قبلة قد ولّوها " ( {[4740]} ) .
والمعنى عند أهل العربية ، هو موليها نفسه/أو وجهه( {[4741]} ) .
فأما من قرأ : " مُوَلاَّهَا " فالضمير على هذه القراءة لواحد ، أي : ولكل( {[4742]} ) واحد من الناس قبلة ، الواحد مولاها ، أي : مصروف إليها( {[4743]} ) .
وقال الأخفش : " المعنى( {[4744]} ) : موليها الله إياه على ما يزعمون " /( {[4745]} )يريد( {[4746]} ) على قراءة موليها .
وقال علي بن سليمان : " المعنى هو متوليها ، والوجهة والجهة والوجه واحد " ( {[4747]} ) .
وعن قتادة في قوله : ( هُوَ مُوَلِّيهَا )( {[4748]} ) ، قال : " هي صلاتهم إلى بيت المقدس وصلاتهم إلى الكعبة " ( {[4749]} ) .
فيكون التقدير على هذا : ولكل ناحية وَجَّهَكَ إليها( {[4750]} ) ربُّك يا محمد قبلةُ الله مولّيها عباده " ( {[4751]} ) . وهو( {[4752]} ) قول الأخفش الذي تقدم .
ومعنى " مولِّيها " مول وجهه إليها ومستقبلها .
وقال الطبري : " التولية في الآية للكل ، ووُجدت( {[4753]} ) للفظ( {[4754]} ) " كل " ، قال : " فمعنى الكلام : ولكل أهل ملة وجهة ، الكل موليها وجوههم . قال : وأما قراءة ابن( {[4755]} ) عامر فمعناه( {[4756]} ) : هو موجَّه نحوها ، ويكون الكل حينئذ غير مسمى فاعله ، ولو سمي فاعله لكان الكلام : ولكل ذي ملة وجهة( {[4757]} ) ، الله موليها إياه بمعنى موجهه إليها .
ورويت قراءة شاذة بإضافة " كل " إلى " وجهة " ( {[4758]} ) ، وهي قراءة/لا تجوز لأنه لا فائدة في الكلام إذا لم يتم الخبر " ( {[4759]} ) .
ولو ثَنيتَ( {[4760]} ) على قراءة الجماعة لقلت : " هُمَا مُوَلِّياهَا " ، وفي الجمع [ هُمْ مُوَلُّوهَا ] وعلى قراءة ابن عباس/في التثنية " هُمَا مُوَلَياهَا " . وفي الجمع [ هُمْ مُوَلَّوْهَا ]( {[4761]} ) . فإن جئت بالمفعول الثاني في قراءة الجماعة ، قلت في التثنية : " هُمَا [ مُوَلِّياهَا هُمَا ]( {[4762]} ) وفي الجمع : " هُمْ( {[4763]} ) مُوَلُّوهَا هُمْ " ( {[4764]} ) .
ثم قال تعالى : ( فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ) [ 147 ] .
أي : بادروا إلى عمل( {[4765]} ) الصالحات واستقبال ما أمركم الله عز وجل باستقباله وهو المسجد الحرام .
ثم قال : ( أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَاتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ) [ 147 ] .
أي : في أي مكان تكونون بعد موتكم يأت بكم الله جميعاً يوم القيامة .
( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [ 147 ] . أي : على جمعكم بعد مماتكم وغير ذلك قدير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.