ثم قال تعالى( {[4766]} ) : ( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ) الآية [ 149 ] .
وقد( {[4767]} ) تقدم شرحه ووقع التكرير للإفهام ، ولئلا يصل ذلك إلى بعض دون بعض فكرر الله التأكيد ليصل إلى الجميع .
ثم قال : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) [ 149 ] .
الناس هنا : مشركو العرب . والمعنى : عرفناكم أن لكل وجهة موليها( {[4768]} ) لئلا يكون لمشركي العرب حجة( {[4769]} ) أي : خصومة/ودعوى باطل [ إلا لمشركي ]( {[4770]} ) قريش فإن [ لهم عليكم ]( {[4771]} ) دعوى باطلة وخصومة بغير حق لقولهم لكم : رجع [ محمد إلى ]( {[4772]} ) قبلتنا ، وسيرجع إلى ديننا . هذا معنى قول مجاهد( {[4773]} ) .
وقال قتادة : " هم مشركوا العرب ، قالوا لمشركي قريش حين صرفت القبلة إلى الكعبة : قد رجع إلى قبلتكم ، فيوشك أن يرجع إلى دينكم " ( {[4774]} ) .
قال الله تعالى : ( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي )( {[4775]} ) [ 149 ] .
وعن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من أصحاب النبي [ عليه السلام ]( {[4776]} ) أنه لما صرفت القبلة نحو الكعبة قال المشركون من أهل مكة : تحير( {[4777]} ) على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم ، وعلم أنكم كنتم أهدى منه سبيلاً ، ويوشك أن يدخل( {[4778]} ) في دينكم ، فأنزل( {[4779]} ) الله فيهم : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ اِلاَّ الذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي )( {[4780]} ) .
وهو قول عطاء والسدي وغيرهما( {[4781]} ) . فهو على هذا التاويل استثناء صحيح ، وهو مذهب الطبري ، قال : " نفى الله جل ذكره أن يكون لأحد من الناس حجة على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في استقباله الكعبة إلى مشركي قريش فإن لهم قِبَلَكُم( {[4782]} ) خصومةً باطلة بأن يقولوا : إنما توجهتم إلى قبلتنا لأنا كنا أهدى منكم سبيلاً وأنكم كنتم على ضلالة في استقبالكم بيت المقدس " ( {[4783]} ) .
وقال بعض النحويين : " هو استثناء( {[4784]} ) ليس من الأول ، / و " إلا " ( {[4785]} ) بمعنى " لكن " ( {[4786]} ) .
قال( {[4787]} ) أبو عبيدة : / « " إلا " بمعنى الواو( {[4788]} ) » .
وهو قول بعيد من الصواب لأنه يفسد المعاني( {[4789]} ) ويغير ما بني عليه الكلام و " إلا " ( {[4790]} ) إذا كانت بمعنى " لكن " ، فإنما هي إيجاب لشيء بعدما تؤكده( {[4791]} ) .
وقوله : ( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ) [ 149 ] .
أي : لا تخشوا هؤلاء الذين سفهوا( {[4792]} ) عليكم بالحجج الباطلة ، واخشوا عقابي إن خالفتم أمري . وهذا تحضيض( {[4793]} ) من الله تعالى للمؤمنين على لزوم الصلاة إلى الكعبة وترك التوجه إلى غيرها( {[4794]} ) .
وقال السدي : " معناه : فلا تخشوا( {[4795]} ) أن أردكم( {[4796]} ) إلى دينهم " ( {[4797]} ) .
ثم قال : ( وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) [ 149 ] .
قال الأخفش( {[4798]} ) : " هو معطوف على ( لِئَلاَّ يَكُونَ ) أي : لئلا يكون( {[4799]} ) ، ولأتم( {[4800]} ) نعمتي عليكم( {[4801]} ) . فالمعنى : /ولّوا وجوهكم حيث كنتم من الأرض إلى نحو المسجد الحرام كي لا يكون لأحد من الناس عليكم حجة سوى مشركي قريش ، فإن لهم حجة باطلة ، وكي أتم نعمتي عليكم بإتمام شرائح الملة الحنيفية .
وقال ابن جبير : ( وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) : " أي : ولأدخلكم( {[4802]} ) الجنة " . قال : " ولن تتم نعمة الله على عبد حتى يدخله( {[4803]} ) الجنة " ( {[4804]} ) .
وقال الزجاج : " اللام متعلقة بمحذوف والتقدير : ولأتم نعمتي عليكم عرفتكم قبلتكم ، وأنه لا حجة لأحد عليكم إلا الذين ظلموا فإنهم [ سيحتجون عليكم ]( {[4805]} ) بالباطل " ( {[4806]} ) .
وقيل : التقدير : ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) ، ( وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) . ففي الكلام على هذا القول تقديم وتأخير . وهو قول الأخفش المتقدم الذكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.