ثم قال : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ) [ 172 ] .
أي : لم يحرم عليكم شيئاً مما حرمتموه على أنفسكم من البحائر والوصائل والسوائب والحوام التي حرمتموها على أنفسكم ، إنما حرم عليكم أكل لحم( {[5211]} ) الميتة ولحم الخنزير وأكل الدم وأكل ما ذبح لغير الله مثل ما يذبح للأصنام والأوثان ، وما ترك ذكر( {[5212]} ) اسم الله عليه( {[5213]} ) متعمداً ، فإنْ تَرَكَه ناسياً فلا شيء عليه( {[5214]} ) .
وهذا المحرم لفظه عام وفيه تخصيص لأن الميتة من الجراد وصيد البحر والدم المخالط للحم الذي هو غير جار وما نسي عليه التسمية كله حلال أكله( {[5215]} ) .
ومعنى : ( وَمَا أُهِلَّ ) : ما ذبح لغير الله ، يعني للأصنام . قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم( {[5216]} ) .
ف " ما " للأصنام . . . وقيل : هي للذبائح( {[5217]} ) ، للأصنام( {[5218]} ) .
وقيل : للصياح ؛ النداءُ الذي ينادى به لغير الله على الذبائح( {[5219]} ) . وأصل( {[5220]} ) الإهلال رفع الصوت( {[5221]} ) .
وقيل : المعنى ما ذكر عليه غير اسم الله( {[5222]} ) .
ثم قال : ( فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ) [ 172 ] .
أي/فمن لحقته ضرورة من جوع وجهد وخوف على نفسه من الهلاك ، ( غَيْرَ بَاغٍ ) على المسلمين ، ولا متعمد( {[5223]} ) للأكل ، ( وَلاَ عَادٍ ) ، أي متعد على الناس .
وقيل : ( وَلاَ عَادٍ ) معناه : ولا عائد لأكْلة أخرى لغير ضرورة فيكونن المقلوب ، أخرت الياء فصار كقاض( {[5224]} ) .
قوله : ( فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) [ 172 ] . أي : لا حرج عليه في أكل ما يرد به روحه .
وقيل : " معناه : من أكره على أكل شيء من هذا المحرم فلا إثم عليه إنْ( {[5225]} ) أكَله مكرهاً " . قاله مجاهد( {[5226]} ) .
وقال ابن عباس : " من أكل شيئاً من هذا وهو مضطر فلا حرج عليه ، ومن أكله غير مضطر فقد بغى واعتدى " .
قال( {[5227]} ) ابن جبير في قوله : ( غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ) ، قال : " هو أن يقطع الطريق فلا رخصة له إذا جاع أن يأكل الميتة ، وإذا عطش أن يشرب الخمر " ( {[5228]} ) .
وهو قول قتادة وعكرمة( {[5229]} ) .
وقال ابن زيد : " لا يأكل ذلك بغياً ولا تعدياً من الحلال إلى الحرام " ( {[5230]} ) . وقال النخعي : " غير باغ على المسلمين " ( {[5231]} ) .
/قال مجاهد : ( وَلاَ عَادٍ ) : ولا متعد( {[5232]} ) عليهم : من خرج يقطع السبل ويقطع الرحم فلا يحل له شيء من ذلك وإن اضطر " ( {[5233]} ) .
فذهب إلى أن الباغي قاطع الطريق . والعادي قاطع الرحم .
قال الحسن : " غير باغ فيها ، ولا متعد( {[5234]} ) فيها يأكلها( {[5235]} ) ، وهو عنها غني " ( {[5236]} ) .
وقيل : المعنى : غير باغ ما حرم الله ، ولا عاد . وله في تركها وجه( {[5237]} ) .
وأجاز بكر( {[5238]} ) القاضي لقاطع( {[5239]} ) الطريق أن يأكل منها إذا اضطر ، لأن قتله لنفسه معصية( {[5240]} ) أخرى/فلا يأمره بها .
قال مسروق( {[5241]} ) : " ومن اضطر إلى الميتة فأبى أن يأكل حتى مات ، دخل النار " ( {[5242]} ) .
وقال مالك( {[5243]} ) : " من اضطُر ، أَكَل شِبَعه( {[5244]} ) منها " ( {[5245]} ) .
وقال غيره : " إنما يأكل منها ما يقيم به الرمق " ( {[5246]} ) .
وقيل : ( غَيْرَ بَاغٍ ) : غير خارج على المسلمين بسيفه( {[5247]} ) باغياً عليهم ولا عادياً عليهم بحرب ظلماً( {[5248]} ) .
( فَلاَ إِثْمَ )( {[5249]} ) أي : ( {[5250]} ) فلا حرج ، إن الله غفور رحيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.